إلي قوله بعد الصبح أي بعد صلاة الصبح لأنه لا جائز أن يكون الحكم فيه معلقا بالوقت إذ لا بد من أداء الصبح فتعين التقدير المذكور قال بن دقيق العيد هذا الحديث معمول به عند فقهاء الأمصار وخالف بعض المتقدمين وبعض الظاهرية من بعض الوجوه قوله حتى تشرق بضم أوله من أشرق يقال أشرقت الشمس ارتفعت وأضاءت ويؤيده حديث أبي سعيد الآتي في الباب بعده بلفظ حتى ترتفع الشمس ويروى بفتح أوله وضم ثالثه بوزن تغرب يقال شرقت الشمس أي طلعت ويؤيده رواية البيهقي من طريق أخرى عن بن عمر شيخ البخاري فيه بلفظ حتى تشرق الشمس أو تطلع على الشك وقد ذكرنا أن في رواية مسدد حتى تطلع الشمس بغير شك وكذا هو في حديث أبي هريرة الآتي آخر الباب بلفظ حتى تطلع الشمس بالجزم ويجمع بين الحديثين بأن المراد بالطلوع طلوع مخصوص أي حتى تطلع مرتفعة قال النووي أجمعت الأمة على كراهة صلاة لا سبب لها في الأوقات المنهي عنها واتفقوا على جواز الفرائض المؤداة فيها واختلفوا في النوافل التي لها سبب كصلاة تحية المسجد وسجود التلاوة والشكر وصلاة العيد والكسوف وصلاة الجنازة وقضاء الفائتة فذهب الشافعي وطائفة إلى جواز ذلك كله بلا كراهة وذهب أبو حنيفة وآخرون إلى أن ذلك داخل في عموم النهى واحتج الشافعي بأنه صلى الله عليه وسلّم قضى سنة الظهر بعد العصر وهو صريح في قضاء السنة الفائتة فالحاضرة أولى والفريضة المقضية أولى ويلتحق ما له سبب قلت وما نقله من الإجماع والاتفاق متعقب فقد حكى غيره عن طائفة من السلف الإباحة مطلقا وأن أحاديث النهى منسوخة وبه قال داود وغيره من أهل الظاهر وبذلك جزم بن حزم وعن طائفة أخرى المنع مطلقا في جميع الصلوات وصح عن أبي بكرة وكعب بن عجرة المنع من صلاة الفرض في هذه الأوقات وحكى آخرون الإجماع على جواز صلاة الجنازة فى الأوقات المكروهة وهو متعقب بما سيأتي في بابه وما ادعاه بن حزم وغيره من النسخ مستندا إلى حديث من أدرك من الصبح ركعة قبل أن تطلع الشمس فليصل إليها أخرى فدل على إباحة الصلاة في الأوقات المنهية انتهى وقال غيرهم ادعاء التخصيص أولى من ادعاء النسخ فيحمل النهى على ما لا سبب له ويخص منه ما له سبب جمعا بين الأدلة والله أعلم وقال البيضاوي اختلفوا في جواز الصلاة بعد الصبح والعصر وعند الطلوع والغروب وعند الاستواء فذهب داود إلى الجواز مطلقا وكأنه حمل النهى على التنزيه قلت بل المحكى عنه أنه ادعى النسخ كما تقدم قال وقال الشافعي تجوز الفرائض وماله سبب من النوافل وقال أبو حنيفة يحرم الجميع سوى عصر يومه وتحرم المنذورة أيضا وقال مالك تحرم النوافل دون الفرائض ووافقه أحمد لكنه استثنى ركعتي الطواف تنبيه لم يقع لنا تسمية الرجال المرضيين الذين حدثوا بن عباس بهذا الحديث وبلغني أن بعض من تكلم على العمدة تجاسر وزعم أنهم المذكورون فيها عند قول مصنفها وفي الباب عن فلان وفلان ولقد أخطأ هذا المتجاسر خطأ بينا فلا حول ولا قوة الا بالله قوله عن هشام هو بن عروة بن الزبير قوله لا تحروا أصله لا تتحروا فحذفت إحدى التاءين والمعنى لا تقصدوا واختلف أهل العلم في المراد بذلك فمنهم من جعله تفسيرا للحديث السابق ومبينا للمراد به فقال لا