الخبر المذكور على أن الآية آخر ما نزل في المواريث وأن السورة آخر ما نزل في شأن تشريع القتال والجهاد فكلاهما آخر إضافي لا حقيقي .
السابع أن آخر ما نزل سورة المائدة .
واحتج صاحب هذا القول برواية للترمذي والحاكم في ذلك عن عائشة Bها .
ويمكن رده بأن المراد أنها آخر سورة نزلت في الحلال والحرام فلم تنسخ فيها أحكام .
وعليه فهي آخر مقيد كذلك .
الثامن أن آخر ما نزل هو خاتمة سورة براءة لقد جاءكم رسول من أنفسكم 9 التوبة 128 إلى آخر السورة .
رواه الحاكم وابن مردويه عن أبي بن كعب .
ويمكن نقضه بأنها آخر ما نزل من سورة براءة لا آخر مطلق ويؤيده ما قيل من أن هاتين الآيتين مكيتان بخلاف سائر السورة .
ولعل قوله سبحانه فإن تولوا فقل حسبي الله 9 التوبة 129 الخ يشير إلى ذلك من حيث عدم الأمر فيه بالجهاد عند تولي الأعداء وإعراضهم .
التاسع أن آخر ما نزل هو آخر سورة الكهف فمن كان يرجوا لقاء ربه فليعمل عملا صلحا ولا يشرك بعبادة ربه أحدا 18 الكهف 110 أخرجه ابن جرير عن معاوية بن أبي سفيان .
قال ابن كثير هذا أثر مشكل ولعله أراد أنه لم ينزل بعدها آية تنسخها ولا تغير حكمها بل هي مثبتة محكمة ا ه .
وهو يفيد أنها آخر مقيد لا مطلق .
العاشر أن آخر ما نزل هو سورة إذا جاء نصر الله والفتح 110 النصر 1 رواه مسلم عن ابن عباس .
ولكنك تستطيع أن تحمل هذا الخبر على أن هذه السورة آخر ما نزل مشعرا بوفاة النبي .
ويؤيده ما روي من أنه قال حين نزلت نعيت إلي نفسي وكذلك فهم بعض كبار الصحابة .
كما ورد أن عمر Bه بكى حين سمعها وقال الكمال دليل الزوال ويحتمل أيضا أنها آخر ما نزل من السور فقط ويدل عليه رواية ابن عباس آخر سورة نزلت من القرآن جميعا إذا جاء نصر الله والفتح 110 النصر1 .
تلك أقوال عشرة عرفتها وعرفت توجيهها ورأيت أن الذي تستريح إليه النفس منها هو أن آخر القرآن نزولا على الإطلاق قول الله في سورة البقرة وأتقوا يوما ترجعون فيه إلى الله ثم توفى كل نفس ما كسبت وهم لا يظلمون 2 البقرة 281 وأن ما سواها أواخر إضافية أو مقيدة بما علمت لكن القاضي أبا بكر في الانتصار يذهب مذهبا آخر إذ يقول هذه الأقوال ليس فيها شيء مرفوع إلى النبي وكل قال بضرب من الاجتهاد وغلبة الظن ويحتمل أن كلا منهم أخبر عن آخر ما سمعه من النبي في اليوم الذي مات فيه أو قبل مرضه بقليل وغيره سمع منه بعد ذلك وإن لم يسمعه هو ا ه وكأنه يشير إلى الجمع بين تلك الأقوال المتشعبة بأنها أواخر مقيدة بما سمع كل منهم من النبي وهي طريقة مريحة غير أنها لا تلقي ضوءا على ما عسى أن يكون قد اختتم الله به كتابه الكريم