ووحدانا أن تأتوا بمثل هذه الآية وأمامكم الباب مفتوحا كما تعتقدون وفيكم النبوغ موفور كما تدعون ثم أنتم مجتمعون وأنا وحدي .
قال ذلك بلغة الواثق وتحدانا هذا التحدي الظاهر في وقت يثور فيه على عقائدنا وعاداتنا وأخلاقنا ويسفه فيه أحلامنا وأحلام أمثالنا من آبائنا ونحن أحرص ما نكون على تعجيزه وتبهيته والغلبة عليه والظفر به دفاعا عن كرامتنا وانتصارا لأعز شيء لدينا .
ثم لم يلبث أن قام وقمنا وأجمع أمره وأجمعنا وإذا نحن جميعا بعد محاولات ومصاولات لم نستطع أن نأتي بمثل ما أتى به فضلا عن أعظم منه .
مع أننا أمة وهو فرد .
ومع أنه قد دخل علينا من أيسر الطرق في نظرنا ومن أشهر فن في زماننا ومع أنه قد أعطانا الفرصة الكافية لمناظرته وأنصفنا كل إنصاف من نفسه .
هل يشك ذو مسكة من عقل في أن هذا الإنسان المتفوق الممتاز صادق في رسالته محق في دعايته خصوصا إذا عرفنا فوق ذلك كله أنه نشأ فينا على الصدق والأمانة ومكارم الأخلاق من لدن صباه وطفولته إلى يوم مبعثه ورسالته .
لو أنه جاء بالمعجزة من باب لا نعرفه لقلنا رجل حذق فنا من الفنون التي لا علم لنا بها أو تعلم صناعة من الصناعات التي لم نحط بخبرها .
أما وقد جاءنا من الناحية التي نشهد لأنفسنا فيها بالفوق والسبق فلا يسعنا إلا الإذعان له والإيمان بما جاء به ما دمنا منصفين .
ولنضرب لك مثلا جاء موسى عليه السلام بمعجزته عصا من الخشب لا روح فيها ولا حركة ولا لين ولا رطوبة ثم ألقاها باسم الذي أرسله فإذا هي حية تسعى بينما الأمة التي تحداها بذلك كانت قد تفوقت في السحر وحذقته وضربت فيه بأوفر سهم وأوفى نصيب خصوصا أنهم أمة وهو فرد .
وهم نابغون في السحر وهو مع نشأته فيهم لم يعرف يوما من الأيام بمعالجة السحر .
وهم معتزون بعددهم وعددهم وسلطانهم وهو خلو من هذه الأسباب والمظاهر .
فهل يبقى للشك ظل بعد أن ألقى موسى عصاه فإذا هي تلقف ما يأفكون فوقع الحق وبطل ما كانوا يعملون فغلبوا هنالك وانقلبوا صغرين وألقى السحرة سجدين قالوا ءامنا برب العلمين رب موسى وهرون 7 الأعراف 117 - 122 .
الحق أبلج .
ولذلك كان أول من آمن به هم السحرة أنفسهم لأنهم أعرف بالسحر ومقدماته ونتائجه وقد رأوا رأي العين أن ذلك الإعجاز ليس من نوع هذا السحر المبني على مقدمات يستطيع كل إنسان أن يزاولها ولها نتائج محدودة لا يمكن أن يتجاوزها نعم لم يطق