مبطل للثقة بالألفاظ وقاطع طريق الاستفادة والفهم من القرآن بالكلية فقد عرفت كيف صرف الشيطان دواعي الخلق عن القوانين المحمودة إلى المذمومة فكل ذلك من تلبيس علماء السوء بتبديل الأسامي فإن اتبعت هؤلاء اعتمادا على الاسم المشهور من غير التفات إلى ما عرف في العصر الأول كنت كمن طلب شرف الحكمة باتباع من يسمى حكيما فإن اسم الحكيم صار يطلق على الطبيب والشاعر والمنجم في هذا العصر وذلك بالغفلة عن تبديل الألفاظ .
ثم قال اللفظ الخامس أي من الألفاظ التي وقع فيها التلبيس لفظ الحكمة فإن اسم الحكيم صار يطلق على الطبيب والشاعر والمنجم حتى على الذي يدحرج القرعة على أكف السوادية في شوارع الطرق والحكمة هي التي أثنى الله D عليها فقال يؤتي الحكمة من يشآء ومن يؤت الحكمة فقد أوتي خيرا كثيرا وقال كلمة من الحكمة يتعلمها الرجل خير له من الدنيا وما فيها فانظر ما الذي كانت الحكمة عبارة عنه وإلى ماذا نقل وقس به من بقية الألفاظ واحترز عن الاغترار بتلبيسات علماء السوء فإن شرهم على الدين أعظم من شر الشياطين إذ الشياطين بواسطتهم يتدرج إلى انتزاع الدين من قلوب الخلق ولهذا لما سئل رسول الله عن شر الخلق أبى وقال اللهم غفرا حتى كرروا عليه فقال هم علماء السوء .
فقد عرفت العلم المحمود والعلم المذموم ومثار الالتباس وإليك الخيرة في أن تنظر لنفسك فتقتدي بالسلف أو تتدلى بحبل الغرور وتتشبه بالخلف فكل ما ارتضاه السلف من العلم قد اندرس وما أكب الناس عليه فأكثره مبتدع ومحدث وقد صح عن رسول الله بدأ الإسلام غريبا وسيعود غريبا كما بدأ فطوبى للغرباء فقيل يا رسول الله ومن الغرباء قال الذين يصلحون ما أفسده الناس من سنتي والذي يحيون ما أماتوه من سنتي وفي خبر آخر هم المتمسكون بما أنتم عليه اليوم وفي حديث آخر الغرباء ناس قليل صالحون بين ناس كثير من يبغضهم في الخلق أكثر ممن يحبهم