سألت .
وكان زياد قد سأله أن يجعل للناس علامات يعرفون بها كتاب الله فتباطأ في الجواب حتى راعه هذا الحادث .
وهنا جد جده وانتهى به اجتهاده إلى أن جعل علامة الفتحة نقطة فوق الحرف وجعل علامة الكسر نقطة أسفله وجعل علامة الضمة نقطة بين أجزاء الحرف وجعل علامة السكون نقطتين .
طفق الناس ينهجون منهجه ثم امتد الزمان بهم فبدؤوا يزيدون ويبتكرون حتى جعلوا للحرف المشدد علامة كالقوس ولألف الوصل جرة فوقها أو تحتها أو وسطها على حسب ما قبلها من فتحة أو كسرة أو ضمة .
ودامت الحال على هذا حتى جاء عبد الملك بن مروان فرأى بنافذ بصيرته أن يميز ذوات الحروف من بعضها وأن يتخذ سبيله إلى ذلك التمييز بالإعجام والنقط على نحو ما تقدم تحت العنوان السابق .
وهنالك اضطر أن يستبدل بالشكل الأول الذي هو النقط شكلا جديدا هو ما نعرفه اليوم من علامات الفتحة والكسرة والضمة والسكون .
والذي اضطره إلى هذا الاستبدال أنه لو أبقى العلامات الأولى على ما هي عليه نقطا ثم جاءت هذه الأخرى نقطا كذلك لتشابها واشتبه الأمر .
فميز بين الطائفتين بهذه الطريقة .
ونعما فعل .
حكم نقط المصحف وشكله .
كان العلماء في الصدر الأول يرون كراهة نقط المصحف وشكله مبالغا منهم في المحافظة على أداء القرآن كما رسمه المصحف وخوفا من أن يؤدي ذلك إلى التغيير فيه .
ومن ذلك ما روي عن ابن مسعود أنه قال جردوا القرآن ولا تخلطوه بشيء .
وما روي عن ابن سيرين أنه كره النقط والفواتح والخواتم إلى غير ذلك .
ولكن الزمان تغير كما علمت فاضطر المسلمون إلى إعجام المصحف وشكله لنفس ذلك السبب أي للمحافظة على أداء القرآن كما رسمه المصحف وخوفا من أن يؤدي تجرده من النقط والشكل إلى التغيير فيه .
فمعقول حينئذ أن يزول القول بكراهة ذينك الإعجام والشكل ويحل محله القول بوجوب أو باستحباب الإعجام والشكل .
لما هو مقرر من أن الحكم يدور مع علته وجودا وعدما .
قال النووي في كتابه التبيان ما نصه قال العلماء ويستحب نقط المصحف وشكله فإنه صيانة من اللحن فيه .
وأما كراهة الشعبي والنخعي النقط فإنما كرهاه في ذلك الزمان خوفا من التغيير فيه .
وقد أمن ذلك اليوم فلا يمنع من ذلك لكونه محدثا فإنه من المحدثات الحسنة فلا يمنع منه كنظائره مثل تصنيف العلم وبناء المدارس والرباطات وغير ذلك .
والله أعلم ا ه