خلافته فاستنسخ تلك الصحف في مصاحف على تلك الكتبة وأقر أصحاب النبي عمل أبي بكر وعثمان Bهم أجمعين وانتهى الأمر بعد ذلك إلى التابعين وتابعي التابعين فلم يخالف أحد منهم في هذا الرسم ولم ينقل أن أحدا منهم فكر أن يستبدل به رسما آخر من الرسوم التي حدثت في عهد ازدهار التأليف ونشاط التدوين وتقدم العلوم .
بل بقي الرسم العثماني محترما متبعا في كتابة المصاحف لا يمس استقلاله ولا يباح حماه .
وملخص هذا الدليل أن رسم المصاحف العثمانية ظفر بأمور كل واحد منها يجعله جديرا بالتقدير ووجوب الاتباع .
تلك الأمور هي إقرار الرسول عليه وأمره بدستوره .
وإجماع الصحابة وكانوا أكثر من اثني عشر ألف صحابي عليه ثم إجماع الأمة عليه بعد ذلك في عهد التابعين والأئمة المجتهدين .
وأنت خبير بأن اتباع الرسول واجب فيما أمر به أو أقر عليه لقوله تعالى قل إن كنتم تحبون الله فأتبعوني يحببكم الله ويغفر لكم ذنوبكم والله غفور رحيم 3 آل عمران 31 والاهتداء بهدي الصحابة واجب خصوصا الخلفاء الراشدين لحديث العرباض بن سارية وفيه يقول فإنه من يعش منكم فسيرى أختلافا كثيرا فعليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين من بعدي عضوا عليها بالنواجذ ولا ريب أن إجماع الأمة في أي عصر واجب الاتباع خصوصا العصر الأول .
قال تعالى ومن يشاقق الرسول من بعد ما تبين له الهدى ويتبع غير سبيل المؤمنين نوله ما تولى ونصله جهنم وساءت مصيرا 4 النساء 115 .
وممن حكى إجماع الأمة على ما كتب عثمان صاحب المقنع إذ يروي بإسناده إلى مصعب بن سعد قال أدركت الناس حين شقق عثمان Bه المصاحف فأعجبهم ذلك ولم يعبه أحد وكذلك يروي شارح العقيلة عن أنس بن مالك Bه أن عثمان أرسل إلى كل جند من أجناد المسلمين مصحفا وأمرهم أن يحرقوا كل مصحف يخالف الذي أرسل إليهم .
ولم يعرف أن أحدا خالف في رسم هذه المصاحف العثمانية .
وانعقاد الإجماع على تلك المصطلحات في رسم المصحف دليل على أنه لا يجوز العدول عنها إلى غيرها .
ويرحم الله الإمام الخراز إذ يقول .
وبعده جرده الإمام ... في مصحف ليقتدي الأنام .
ولا يكون بعده اضطراب ... وكان فيما قد رأى صواب .
وقصة اختلافهم شهيره ... كقصة اليمامة العسيره .
فينبغي لأجل ذا أن نقتفي ... مرسوم ما أصله في المصحف