بل كان جبريل ينزل بالآيات على الرسول ويرشده إلى موضع كل آية من سورتها .
ثم يقرؤها النبي على أصحابه ويأمر كتاب الوحي بكتابتها معينا لهم السورة التي تكون فيها الآية وموضع الآية من هذه السورة .
وكان يتلوه عليهم مرارا وتكرارا في صلاته وعظاته وفي حكمه وأحكامه .
وكان يعارض به جبريل كل عام مرة وعارضه به في العام الأخير مرتين .
كل ذلك كان على الترتيب المعروف لنا في المصاحف .
وكذلك كان كل من حفظ القرآن أو شيئا منه من الصحابة حفظه مرتب الآيات على هذا النمط .
وشاع ذلك وذاع وملأ البقاع والأسماع يتدارسونه فيما بينهم ويقرؤونه في صلاتهم ويأخذه بعضهم عن بعض ويسمعه بعضهم من بعض بالترتيب القائم الآن فليس لواحد من الصحابة والخلفاء الراشدين يد ولا تصرف في ترتيب شيء من آيات القرآن الكريم .
بل الجمع الذي كان على عهد أبي بكر لم يتجاوز نقل القرآن من العسب واللخاف وغيرها في صحف والجمع الذي كان على عهد عثمان لم يتجاوز نقله من الصحف في مصاحف .
وكلا هذين كان وفق الترتيب المحفوظ المستفيض عن النبي عن الله تعالى .
أجل انعقد الإجماع على ذلك تاما لا ريب فيه .
وممن حكى هذا الإجماع جماعة منهم الزركشي في البرهان وأبو جعفر في المناسبات إذ يقول ما نصه ترتيب الآيات في سورها واقع بتوقيفه وأمره من غير خلاف في هذا بين المسلمين .
واستند هذا الإجماع إلى نصوص كثيرة منها ما سبق لك قريبا ومنها ما رواه الإمام أحمد عن عثمان بن أبي العاص قال كنت جالسا عند رسول الله إذ شخص ببصره ثم صوبه ثم قال أتاني جبريل فأمرني أن أضع هذه الآية هذا الموضع من السورة إن الله يأمر بالعدل والإحسن وإيتاىء ذي القربى 16 النحل 90 إلى آخرها .
ومنها ما ثبت في السنن الصحيحة من قراءة النبي بسور عديدة كسورة البقرة وآل عمران والنساء ومن قراءته لسورة الأعراف في صلاة المغرب وسورة قد أفلح المؤمنون 23 المؤمنون 1 وسورة الروم في صلاة الصبح وقراءة سورة السجدة وسورة هل أتى على الإنسن 76 الإنسان 1 في صبح يوم الجمعة وقراءته سورة الجمعة والمنافقون في صلاة الجمعة وقراءته سورة ق في الخطبة وسورة اقتربت وق في صلاة العيد كان يقرأ ذلك كله مرتب الآيات على النحو الذي في المصحف على مرأى ومسمع من الصحابة .
ومنها ما أخرجه البخاري عن ابن الزبير قال قلت لعثمان بن عفان والذين يتوفون منكم ويذرون أزوجا 2 البقرة 234 نسختها الآية الأخرى فلم تكتبها أو تدعها والمعنى لماذا تكتبها أو قال لماذا تتركها مكتوبة مع أنها منسوخة قال يا بن أخي لا أغير شيئا من مكانه