إلى أهل المدينة قبل هجرته يعلمانهم الإسلام ويقرئانهم القرآن وكما أرسل معاذ بن جبل إلى مكة بعد هجرته للتحفيظ والإقراء .
قال عبادة بن الصامت Bه كان الرجل إذا هاجر دفعه النبي إلى رجل منا يعلمه القرآن وكان يسمع لمسجد رسول الله ضجة بتلاوة القرآن حتى أمرهم رسول الله أن يخفضوا أصواتهم لئلا يتغالطوا .
ومن هنا كان حفاظ القرآن في حياة الرسول جما غفيرا منهم الأربعة الخلفاء وطلحة وسعد وابن مسعود وحذيفة وسالم مولى أبي حذيفة وأبو هريرة وابن عمر وابن عباس وعمرو بن العاص وابنه عبد الله ومعاوية وابن الزبير وعبد الله ابن السائب وعائشة وحفصة وام سلمة وهؤلاء كلهم من المهاجرين رضوان الله عليهم أجمعين .
وحفظ القرآن من الأنصار في حياته أبي بن كعب ومعاذ بن جبل وزيد بن ثابت وأبو الدرداء ومجمع بن حارثة وأنس بن مالك وأبو زيد الذي سئل عنه أنس فقال أنه أحد عمومتي Bهم أجمعين .
وقيل إن بعض هؤلاء إنما أكمل حفظه للقرآن بعد وفاة النبي .
وأيا ما تكن الحال فإن الذين حفظوا القرآن من الصحابة كانوا كثيرين حتى كان عدد القتلى منهم ببئر معونة ويوم اليمامة أربعين ومائة .
قال القرطبي قد قتل يوم اليمامة سبعون من القراء .
وقتل في عهد رسول الله ببئر معونة مثل هذا العدد .
قال المحقق ابن الجزري ثم إن الاعتماد في نقل القرآن على حفظ القلوب والصدور لا على خط المصاحف والكتب .
وهذه أشرف خصيصة من الله تعالى لهذه الأمة ففي الحديث الصحيح الذي رواه مسلم أن النبي قال إن ربي قال لي قم في قريش فأنذرهم فقلت له أي رب إذن يثلغوا رأسي حتى يدعوه خبزة .
فقال إني مبتليك ومبتل بك ومنزل عليك كتابا لا يغسله الماء تقرؤه نائما ويقظان فابعث جندا أبعث مثلهم وقاتل بمن أطاعك من عصاك .
وأنفق ينفق عليك .
فأخبر تعالى أن القرآن لا يحتاج في حفظه إلى صحيفة تغسل بالماء بل يقرأ في كل حال كما جاء في صفة أمته أناجيلهم صدورهم وذلك بخلاف أهل الكتاب الذين لا يحفظونه إلا في الكتب ولا يقرؤونه كله إلا نظرا لا عن ظهر قلب .
ا ه ما أردنا نقله .
ولا يشكلن عليك في هذا المقام ما جاء في صحيح البخاري عن أنس بن مالك Bه أنه قال مات النبي ولم يجمع القرآن غير أربعة أبو الدرداء ومعاذ بن جبل وزيد بن ثابت وأبو زيد .
قال ونحن ورثناه وأبو زيد هذا أسمه قيس بن السكن كما رواه أبو داود بإسناد على شرط الشيخين .
وإنما قلنا لا يشكلن عليك هذا الحديث