فواتح سور مختلفة بلفظ واحد ينافي كونها أسماء للسور .
بل شأنها في ذلك شأن الأعلام المشتركة اشتراكا لفظيا كلفظ محمد المسمى به أشخاص كثيرون .
فيضم إلى اسم كل منهم ما يميز مسماه عن غيره فيقال محمد المصري ومحمد الشامي مثلا .
وكذلك فواتح السور يقال فيها الم البقرة والم آل عمران وحم السجدة وهلم جرا .
وبعضهم ذهب إلى أنها للحروف الهجائية التي وضعت بإزائها .
وهؤلاء منهم من قال إن المقصود من ذلك هو إفهام المخاطبين أن الذي سيتلى عليهم من الكلام الذي عجزوا عن معارضته والإتيان بمثله إنما تركب من مثل هذه الحروف التي في الفواتح وهي معروفة لهم يتخاطبون بما يدور عليها ولا يخرج عنها .
ومنهم من قال إن المقصود منها هو الدلالة على انتهاء سورة والشروع في أخرى .
ومنهم من قال إن المقصود منها القسم بها لإظهار شرفها وفضلها إذ هي مبنى كتبه المنزلة .
ومنهم من قال إن المقصود منها بيان نبوة محمد من ناحية أنه ينطق بأسامي الحروف مع أنه أمي لم يقرأ ولم يكتب والمعروف أن النطق بأسامي الحروف من شأن القارئ وحده لا سبيل للأمي إلى معرفتها ولا النطق بها فإتيانه بها وترديده لها دليل مادي أمامهم على أنه لا يأتي بهذا القرآن من تلقاء نفسه إنما يتلقاه من لدن حكيم عليم .
ومنهم من قال إن المقصود منها هو تنبيه السامعين وإيقاظهم .
وذلك أن قرع السمع في أول الكلام بما يعيي النفوس فهمه أو بالأمر الغريب دافع لها أن تصغي وتتيقظ وتتأمل وتزداد إقبالا فهي كوسائل التشويق التي تعرض في مقدمة الدرس على منهج التربية الحديثة في التعليم .
ومنهم من قال إن المقصود منها سياسة النفوس المعرضة عن القرآن واستدراجها إلى الاستماع إليه .
والمعروف أن أعداء الإسلام في صدر الدعوة كان يقول بعضهم لبعض لا تسمعوا لهذا القرءان والغوا فيه لعلكم تغلبون 41 فصلت 26 فلما أنزلت السور المبدوءة بحروف الهجاء وقرع أسماعهم ما لم يألفوا التفتوا وإذا هم أمام آيات بينات استهوت قلوبهم واستمالت عقولهم فآمن من أراد الله هدايته وشارف الإيمان من شاء الله تأخيره وقامت الحجة في وجه الطغاة المكابرين وأخذت عليهم الطرق فلا عذر لهم في الدنيا ولا يوم الدين .
وقال العلامة المرحوم الشيخ طنطاوي جوهري في تفسيره لسورة آل عمران مانصه .
اعلم أن القرآن كتاب سماوي .
والكتب السماوية تصرح تارة وترمز تارة أخرى .
والرمز والإشارة من المقاصد السامية والمعاني والمغازي الشريفة .
وقديما كان ذلك في أهل