فإنها نزلت بتبوك وقوله سبحانه في سورة الزخرف وسئل من أرسلنا من قبلك من رسلنا 43 الزخرف 45 الخ فإنها نزلت ببيت المقدس ليلة الإسراء .
ولا ريب أن عدم الضبط في التقسيم يترك واسطة لا تدخل فيما يذكر من الأقسام وذلك عيب يخل بالمقصود الأول من التقسيم وهو الضبط والحصر .
الاصطلاح الثاني أن المكي ما وقع خطابا لأهل مكة والمدني ما وقع خطابا لأهل المدينة .
وعليه يحمل قول من قال إن ما صدر في القرآن بلفظ يأيها الناس 2 البقرة 21 فهو مكي وما صدر فيه بلفظ يأيها الذين ءامنوا 2 البقرة 104 فهو مدني لأن الكفر كان غالبا على أهل مكة فخوطبوا بيا أيها الناس وإن كان غيرهم داخلا فيهم .
ولأن الإيمان كان غالبا على أهل المدينة فخوطبوا بيا أيها الذين آمنوا وإن كان غيرهم داخلا فيهم أيضا .
وألحق بعضهم صيغة يا بني آدم بصيغة يأيها الناس .
أخرج أبو عبيد في فضائل القرآن عن ميمون بن مهران قال ما كان في القرآن يأيها الناس أو يا بني آدم فإنه مكي وما كان يأيها الذين آمنوا فإنه مدني .
وهذا التقسيم لوحظ فيه المخاطبون كما ترى لكن يرد عليه أمران أحدهما ما ورد على سابقة من أنه غير ضابط ولا حاصر فإن في القرآن ما نزل غير مصدر بأحدهما نحو قوله سبحانه في فاتحة سورة الأحزاب ياأيها النبي أتق الله ولا تطع الكافرين والمنافقين 33 الأحزاب 1 الخ ونحو قوله سبحانه في فاتحة سورة المنافقون إذا جاءك المنفقون قالوا نشهد إنك لرسول 63 المنافقون 1 الخ .
ثانيهما أن هذا التقسيم غير مطرد في جميع موارد الصيغتين المذكورتين بل إن هناك آيات مدنية صدرت بصيغة يأيها الناس وهناك آيات مكية صدرت بصيغة يأيها الذين آمنوا .
مثال الأولى سورة النساء فإنها مدنية وأولها يأيها الناس أتقوا ربكم 4 النساء 1 وكذلك سورة البقرة مدنية وفيها يأيها الناس أعبدوا ربكم 2 البقرة 21 ومثال الثانية سورة الحج فإنها مكية مع أن في أواخرها يأيها الذين ءامنوا أركعوا وأسجدوا 22 الحج 77 الخ .
قال بعضهم هذا القول إن أخذ على إطلاقه ففيه نظر فإن سورة البقرة مدنية وفيها يأيها الناس أعبدوا ربكم إلى آخر ما ذكرناه أمامك .
غير أنه قال أخيرا ما نصه فإن أريد أن الغالب كذلك فصحيح .
أقول ولكن صحة الكلام في ذاته لا تسوغ صحة التقسيم فإن من شأن التقسيم السليم أن يكون ضابطا حاصرا وأن يكون مطردا .
وقيد الغالبية المراد لا يحقق الضبط والحصر وإن حقق الاطراد فيبقى التقسيم معيبا .
على أنهم قالوا المراد لا يدفع الإيراد