الاختلاف في هذه اللهجات .
حتى إن بعض العلماء جعل الوجوه السبعة منحصرة في اللهجات لا غير كما يأتي .
قال الإمام ابن قتيبة نفسه في كتاب المشكل ما نصه فكان من تيسير الله تعالى أن أمر نبيه أن يقرىء كل أمة لعله يريد بالأمة القبيلة بلغتهم وما جرت به عادتهم فالهذلي يقرأ عتى حين يريد حتى حين هكذا يلفظ بها ويستعملها أي يقلب الحاء عينا في النطق .
والأسدي يقرأ يعلمون ونعلم وتسود وجوه ألم إعهد بكسر حروف المضارعة في ذلك كله والتميمي يهمز والقرشي لا يهمز .
والآخر يقرأ قيل لهم وغيض الماء بإشمام الضم مع الكسر وبضاعتنا ردت إلينا بإشمام الكسر مع الضم .
وما لك لا تأمنا بإشمام الضم مع الإدغام .
ثم قال ابن قتيبة أيضا ولو أراد كل فريق من هؤلاء أن يزول عن لغته وما جرى عليه اعتياده طفلا ويافعا وكهلا لاشتد ذلك عليه وعظمت المحنة فيه ولا يمكن إلا بعد رياضة للنفس طويلة وتذليل للسان وقطع للعادة .
فأراد الله برحمته ولطفه أن يجعل لهم متسعا في اللغات ومتصرفا في الحركات كتيسيره عليهم في الدين اه .
فأنت تراه قد اعتبر اللهجات وطرق الأداء صراحة في هذه الكلمات .
وكذلك نجد العلامة ابن الجزري يعترف بهذا الاختلاف في اللهجات ويقول ما نصه وهذا يقرأ عليهم وفيهم بضم الهاء والآخر يقرأ عليهمو ومنهمو بالصلة .
وهذا يقرأ قد أفلح وقل أوحي وإذا خلوا إلى شياطينهم بالنقل والآخر يقرأ موسى وعيسى بالإمالة .
وغيره يلطف .
وهذا يقرأ خبيرا بصيرا بترقيق الراء والآخر يقرأ الصلاة والطلاق بالتفخيم إلى غير ذلك اه .
ولكن من العجب العاجب أن هذين الإمامين الجليلين اللذين اعترفا صراحة باختلاف اللهجات وطرق الأداء على هذا الوجه فاتهما أن ينظماه في سلك الوجوه السبعة التي نزل بها القرآن تيسيرا على الأمة .
والعصمة لله وحده .
فالأحق والأدق ما ذهب إليه الرازي .
ولعل هذه الدقة وهذا الشمول الذي وفق إليه الرازي في الوجوه السبعة هو التنقيح الذي نوه به ابن حجر إذ قال وقد أخذ أي الرازي كلام ابن قتيبة ونقحه .
وليس معناه الاتحاد بينهما لما علمت من وضوح الفرق وأن كلام الرازي أعم من كلام أولئك الثلاثة عموما مطلقا