لغتهم وإنما احتيج إلى التفسير لما سيذكر بعد تقرير قاعدة وهي أن كل من وضع من البشر كتابا فإنما وضعه ليفهم بذاته من غير شرح وإنما احتيج إلى الشروح لأمور ثلاثة .
أحدها كمال فضيلة المصنف فإنه لقوته العلمية يجمع المعاني الدقيقة في اللفظ الوجيز فربما عسر فهم مراده فقصد بالشرح ظهور تلك المعاني الخفية ومن هنا كان شرح بعض الأئمة تصنيفه أدل على المراد من شرح غيره له .
وثانيها إغفاله بعض تتمات المسألة أو شروط لها اعتمادا على وضوحها أو لأنها من علم آخر فيحتاج الشارع لبيان المحذوف ومراتبه .
وثالثها احتمال اللفظ لمعان كما في المجاز والاشتراك ودلالة الالتزام فيحتاج الشارح إلى بيان غرض المصنف وترجيحه وقد يقع في التصانيف مالا يخلو عنه بشر من السهو والغلط أو تكرار الشيء أو حذف المبهم وغير ذلك فيحتاج الشارح للتنبيه على ذلك .
6270 - إذا تقرر هذا فنقول إن القرآن إنما نزل بلسان عربي في زمن أفصح العرب وكانوا يعلمون ظواهره وأحكامه أما دقائق باطنه فإنما كان يظهر لهم بعد البحث والنظر مع سؤالهم النبي في الأكثر كسؤالهم لما نزل قوله ولم يلبسوا إيمانهم بظلم فقالوا وأينا لم يظلم نفسه ففسره النبي واستدل عليه بقوله إن الشرك لظلم عظيم وكسؤال عائشة عن الحساب اليسير فقال ذلك العرض وكقصة عدي بن حاتم في الخيط الأبيض والأسود وغير ذلك مما سألوا عن آحاد منه ونحن محتاجون إلى ما كانوا يحتاجون إليه وزيادة على ذلك مما لم يحتاجوا إليه من أحكام الظواهر لقصورنا عن مدارك أحكام اللغة بغير تعلم فنحن أشد الناس احتياجا إلى التفسير ومعلوم أن تفسيره بعضه يكون من قبل بسط الألفاظ الوجيزة وكشف معانيها وبعضه من قبل ترجيح بعض الاحتمالات على بعض .
انتهى .
6271 - وقال الخويي علم التفسير عسير يسير أما عسره فظاهر من وجوه أظهرها أنه كلام متكلم لم يصل الناس إلى مراده بالسماع منه ولا إمكان الوصول