ولو صح ما ذهب إليه لم نعلم شئ بالاستنباط ولما فهم الأكثر من كتاب الله شيئا وإن صح الحديث فتأويله أن من تكلم فى القرآن بمجرد رأيه ولم يعرج على سوى لفظه وأصاب الحق فقد أخطأ الطريق وإصابته اتفاق إذ الغرض أنه مجرد رأى لا شاهد له وفى الحديث ان النبى صلى الله عليه وسلّم قال القرآن ذلول ذو وجوه محتملة فاحملوه على أحسن وجوهه .
وقوله ذلول يحتمل وجهيه أحدهما أنه مطيع لحامليه ينطق بألسنتهم الثانى أنه موضح لمعانيه حتى لا تقصر عنه أفهام المجتهدين .
وقوله ذووجوه يحتمل معنيين أحدهما أن من ألفاظه ما يحتمل وجوها من التأويل والثانى أنه قد جمع وجوها من الأوامر والنواهى والترغيب والترهيب والتحليل والتحريم .
وقوله فاحملوه على أحسن وجوهه يحتمل أيضا وجهين أحدهما الحمل على أحسن معانيه والثانى أحسن ما فيه من العزائم دون الرخص والعفو دون الانتقام وفيه دلالة ظاهرة على جواز الاستنباط والاجتهاد فى كتاب الله .
وقال أبو الليث .
النهى إنما انصرف إلى المتشابه منه لا إلى جميعه كما قال تعالى فأما الذين فى قلوبهم زيغ فيتبعون ما تشابه منه لأن القرآن إنما نزل حجة على الخلق فلو لم يجز التفسير لم تكن الحجة بالغة فإذا كان كذلك جاز لمن عرف لغات العرب وشأن النزول أن يفسره وأما من كان من المكلفين ولم يعرف وجوه اللغة فلا يجوز أن يفسره إلا بمقدار ما سمع فيكون ذلك على وجه الحكاية لا على سبيل التفسير فلا بأس به ولو أنه يعلم التفسير فأراد أن يستخرج من الآية حكمة أو دليلا لحكم فلا بأس به