اعلم أه سبحانه تحداهم أولا فى الإتيان بمثله فقال قل لئن اجتمعت الإنس والجن على أن يأتوا بمثل هذا القرآن لا يأتون بمثله ولو كان بعضهم لبعض ظهيرا ثم تحداهم بشر سور منه وقطع عذرهم بقول قل فأتوا بعشر سور مثله مفتريات وإنما قال مفتريات من أجل أنهم قالوا لا علم لنا بما فيه من الأخبار الخالية والقصص البالغة فقيل لهم مفتريات إزاحة لعللهم وقطعا لأعذارهم فعجزوا فردهم من العشر إلى سورة واحدة من مثله مبالغة فى التعجيز لهم فقال وإن كنتم فى ريب مما نزلنا على عبدنا فأتوا بسورة من مثله وادعوا شهداءكم من دون الله إن كنتم صادقين أى يشهدون لكم أنها في نظمه وبلاغته وجزالته فعجزوا فقال تعالى فإن لم تفعلوا ولن تفعلوا مبالغة فى التعجيز وإفحاما لهم فاتقوا النار وهذه مبالغة فى الوعيد مع أن اللغة لغتهم والكلام كلامهم وناهيك بذلك أن الوليد بن المغيرة لعنه الله كان سيد قريش وأحد فصحائهم لما سمعه أخرس لسانه وبلد جنانه وأطفئ بيانه وقطعت حجته وقصم ظهره وظهر عجزه وذهل عقله حتى قال فد عرفنا الشعر كله هزجه ورجزه وفريضه ومقبوضه ومبسوطه فما هو بالشعر قالت له قريش فساحر قال وما هو بساحر قد رأينا السحار وسحرهم فما هو بنفثه ولا عقده والله إن لقوله لحلاوة وإن عليه لطلاوة وإن أسفله لمغدق وإن أعلاه لمثمر