أحدها التنظير فإن إلحاق النظير بالنظير من دأب العقلاء ومن أمثلته قوله تعالى كما أخرجك ربك من بيتك بالحق عقب قوله أولئك هم المؤمنون حقا لهم درجات عند ربهم ومغفرة ورزق كريم فإن الله سبحانه أمر رسوله أن يمضى لأمره فى الغنائم على كره من أصحابه كما مضى لأمره فى خروجه من بيته لطلب العير وهم كارهون وذلك أنهم اختلفوا فى القتال يوم بدر فى الأنفال وحاجوا النبى صلى الله عليه وسلّم وجادلوه فكره كثير منهم ما كان من فعل رسول الله صلى الله عليه وسلّم فى النفل فأنزل الله هذه الآية وأنفذ أمره بها وأمرهم أن يتقوا الله ويطيعوه ولا يعترضوا عليه فيما يفعله من شىء ما بعد أن كانوا مؤمنين ووصف المؤمنين ثم قال كما أخرجك ربك من بيتك بالحق وإن فريقا من المؤمنين لكارهون يريد أن كراهيتهم لما فعلته من الغنائم ككراهتهم للخروج معك .
وقيل معناه أولئك هم المؤمنون حقا كما أخرجك ربك من بيتك بالحق كقوله تعالى فورب السماء والأرض إنه لحق مثل ما أنكم تنطقون .
وقيل الكاف صفة لفعل مضمر وتأويله افعل فى الأنفال كما فعلت فى الخروج إلى بدر وإن كره القوم ذلك ونظيره قوله تعالى كما أرسلنا فيكم رسولا منكم معناه كما أنعمنا عليكم بإرسال رسول من أنفسكم فكذلك أتم نعمتى عليكم فشبه كراهتهم ما جرى من أمر الأنفال وقسمتها بالكراهة فى مخرجه من بيته وكل ما لا يتم الكلام إلا به من صفة وصلة فهو من نفس الكلام .
وأما قوله تعالى كما أنزلنا على المقتسمين بعد قوله وقل إنى أنا