وأما ما بدىء بحرف واحد فاختلفوا فيه فمنهم من لم يجعل ذلك حرفا وإنما جعله اسما لشىء خاص ومنهم من جعله حرفا وقال أراد أن يتحقق الحروف مفردها ومنظومها .
فأما ما ابتدىء بثلاثة أحرف ففيه سر وذلك أن الألف إذا بدىء بها أولا كانت همزة وهى أول المخارج من أقصى الصدر واللام من وسط مخارج الحروف وهى أشد الحروف اعتمادا على اللسان والميم آخر الحروف ومخرجها من الفم وهذه الثلاثة هى أصل مخارج الحروف أعنى الحلق واللسان والشفتين وترتبت فى التنزيل من البداية إلى الوسط إلى النهاية .
فهذه الحروف تعتمد المخارج الثلاثة التى يتفرع منها ستة عشر مخرجا ليصير منها تسعة وعشرون حرفا عليها مدار كلام الخلق أجمعين مع تضمنها سرا عجيبا وهو أن الألف للبداية واللام للتوسط والميم للنهاية فاشتملت هذه الأحرف الثلاثة على البداية والنهاية والواسطة بينهما .
وكل سورة استفتحت بهذه الأحرف فهى مشتملة على مبدأ الخلق ونهايته وتوسطه مشتملة على خلق العالم وغايته وعلى التوسط بين البداية من الشرائع والأوامر فتأمل ذلك فى البقرة وآل عمران وتنزيل السجدة وسورة الروم .
وأيضا فلأن الألف واللام كثرت فى الفواتح دون غيرها من الحروف لكثرتها فى الكلام .
وأيضا من أسرار علم الحروف أن الهمزة من الرئة فهى أعمق الحروف واللام مخرجها من طرف اللسان ملصقة بصدر الغار الأعلى من الفم فصوتها يملأ ما وراءها من هواء الفم والميم مطبقة لأن مخرجها من الشفتين إذا أطبقا ويرمز بهن إلى باقى الحروف كما رمز