وقال ذهب الله بنورهم 1 ولم يقل مضى لانه يضرب له المثل بالمعاني المفتقره إلى الحال ويضرب له المثل بالاعيان القائمة بانفسها فذكر الله جاء في موضع الاعيان في الماضي واتى في موضع المعاني والازمان .
وانظر قوله تعالى ولمن جاء به حمل بعير 2 لان الصواع عين ولما جاءهم كتاب 3 لانه عين وقال وجيء يومئذ بجهنم 4 لانها عين .
واما قوله تعالى فإذا جاء اجلهم 5 فلان الاجل كالمشاهد ولهذا يقال حضرته الوفاة وحضره الموت وقال تعالى بل جئناك بما كانوا فيه يمترون 6 أي العذاب لانه مرئي يشاهدونه وقال وأتيناك بالحق وأنا لصادقون 7 حيث لم يكن الحق مرئيا .
فإن قيل فقد قال تعالى أتاها أمرنا ليلا أو نهارا 8 وقال ولما جاء امرنا 9 فجعل الأمر آتيا وجائيا .
قلنا هذا يؤيد ما ذكرناه فانه لما قال جاء وهم ممن يرى الاشياء قال جاء أي عيانا ولما كان الزرع لايبصر ولايرى قال اتاها ويؤيد هذا إن جاء يعدي بالهمزة ويقال أجاءه قال تعالى فأجاءها المخاض إلى جذع النخلة 10 ولم يرد اتاه بمعنى ائت من الاتيان لان المعنى لا استقلال له حتى ياتي بنفسه ومن ذلك الخطف والتخطف لا يغرق الأديب بينهما والله تعالى فرق