واختار بعضهم أنه رتبة متوسطة دون السبب وفوق العموم المجرد ومثاله قوله تعالى إن الله يأمركم أن تؤدوا الأمانات إلى أهلها فإن مناسبتها للآية التى قبلها وهى قوله تعالى ألم تر إلى الذين أوتوا نصيبا من الكتاب يؤمنون بالجبت والطاغوت ويقولون للذين كفروا هؤلاء أهدى من الذين آمنوا سبيلا أن ذلك إشارة إلى كعب بن الأشرف كان قدم إلى مكة وشاهد قتلى بدر وحرض الكفار على الأخذ بثأرهم وغزو النبى صلى الله عليه وسلّم فسألوه من أهدى سبيلا النبى صلى الله عليه وسلّم أو هم فقال أنتم كذبا منه وضلالة لعنه الله فتلك الآية فى حقه وحق من شاركه فى تلك المقالة وهم أهل كتاب يجدون عندهم فى كتابهم بعث النبى صلى الله عليه وسلّم وصفته وقد أخذت عليهم المواثيق ألا يكتموا ذلك وأن ينصروه وكان ذلك أمانة لازمة لهم فلم يؤدوها وخانوا فيها وذلك مناسب لقوله إن الله يأمركم أن تؤدوا الأمانات الى إلى أهلها قال ابن العربى فى تفسيره وجه النظم أنه أخبر عن كتمان أهل الكتاب صفة محمد صلى الله عليه وسلّم وقولهم إن المشركين أهدى سبيلا فكان ذلك خيانة منهم فانجر الكلام إلى ذكر جميع الأمانات انتهى .
ولا يرد على هذا أن قصة كعب بن الأشرف كانت عقب بدر ونزول إن الله يأمركم فى الفتح أو قريبا منها وبينهما ست سنين لأن الزمان إنما يشترط فى سبب النزول ولا يشترط فى المناسبة لأن المقصود منها وضع آية في موضع يناسبها والآيات كانت تنزل على أسبابها ويأمر النبى صلى الله عليه وسلّم بوضعها فى المواضع التى علم من الله تعالى أنها مواضعها