الخطاب لعبدة الأوثان وسموها آلهة تشبهيا بالله سبحانه وقد جعلوا غير الخالق مثل الخالق فخولف في خطابهم لأنهم بالغوا في عبادتهم وغلوا حتى صارت عندهم أصلا في العبادة والخالق سبحانه فرعا فجاء الإشكال على وفق ذلك .
والظاهر أنهم لما قاسوا غير الخالق خوطبوا بأشد الإلزامين وهو تنقيص المقدس لا تقديس الناقص .
قال السكاكي وعندي أن المراد ب من لا يخلق الحي القادر من الخلق تعريضا بإنكار تشبيه الأصنام بالله تعالى من طريق الأولى وجعل منه قوله تعالى أفرأيت من أتخذ إلهه هواه 1 بدل هواه إلهه فإنه جعل المفعول الأول ثانيا والثاني أولا للتنبيه على أن الهوى أقوى وأوثق عنده من إلاهه .
ومنه قوله تعالى أفنجعل المسلمين كالمجرمين 2 .
وقوله أم نجعل المتقين كالفجار 3 فإن بعضهم أورد أن أصل التشبيه يشبه الأدنى بالأعلى فيقال أفتجعل المجرمين كالمسلمين والفجار كالمتقين فلم خولفت القاعدة .
ويقال فيه وجهان .
أحدهما أن الكفار كانوا يقولون نحن نسود في الآخرة كما نسود في الدنيا ويكونون أتباعا لنا فكما أعزنا الله في هذه الدار يعزنا في الآخرة فجاء الجواب على معتقدهم أنهم أعلى وغيرهم أدنى .
الثاني لما قيل قبل الآية وما خلقنا السماء والأرض وما بينهما باطلا ذلك