قال الراغب في الذريعة الظن إصابة المطلوب بضرب من الإمارة متردد بين يقين وشك فيقرب تارة من طرف اليقين وتارة من طرف الشك فصار أهل اللغة يفسرونه بهما فمتى رئي إلى طرف اليقين أقرب استعمل معه أن المثقلة والمخففة فيهما كقوله تعالى الذين يظنون أنهم ملاقو الله 1 وظنوا أنه واقع بهم 2 ومتى رئي إلى الشك أقرب استعمل معه أن التي للمعدومين من الفعل نحو ظننت أن يخرج .
قال وإنما استعمل الظن بمعنى العلم في قوله الذين يظنون أنهم ملاقو ربهم 3 لأمرين .
أحدهما للتنبيه على أن علم أكثر الناس في الدنيا بالنسبة إلى علمهم في الآخرة كالظن في جنب العلم .
والثاني أن العلم الحقيقي في الدنيا لا يكاد يحصل إلا للنبيين والصديقين المعنيين بقوله الذين آمنوا بالله ورسوله ثم لم يرتابوا 4 والظن متى كان عن أمارة قوية فإنه يمدح به ومتى كان عن تخمين لم يمدح به كما قال تعالى إن بعض الظن إثم 5 .
وجوز أبو الفتح في قوله ألا يظن أولئك أنهم مبعوثون ليوم عظيم 6 أن يكون المراد بها اليقين وأن تكون على بابها وهو أقوى في المعنى أي فقد يمنع من هذا التوهم فكيف عند تحقيق الأمر فهذا أبلغ كقوله يكفيك من شر سماعه أي لو توهم البعث والنشور وما هناك من عظم الأمر وشدته لاجتنب المعاصي فكيف عند تحقق الأمر وهذا أبلغ .
وقيل آيتا البقرة بمعنى الاعتقاد والباقي بمعنى اليقين والفرق بينهما أن الاعتقاد يقبل التشكيك بخلاف اليقين وإن اشتركا جميعا في وجوب الجزم بهما