عن الظاهر في الاستثناء الأول فحمل على النجاة ولما كان إنجاء المستحق العذاب محل تعجب وإنكار عقبه بقوله إن ربك فعال لما يريد أي من العذاب والإنجاء منه بفضله ولا يتوجه عليه اعتراض أحد يفعل ما يشاء ويحكم ما يريد .
وأما الاستثناء الثاني فلم يكن على ظاهره كان إخراج أهل الجنة المستحقين للثواب وقطع النعيم لا يناسب إنحاء أهل النار المستحقين للعذاب فلذا عقب بقوله عطاء غير مجذوذ 1 بيانا للمقصود .
ورعاية هذا الباب أولى من رعاية الباب الذي توهم الزمخشري فإن حاصله يرجع إلى أن الاستثناء الثاني لما لم يكن على ما هو الظاهر في باب الاستثناء ينبغي إلا يكون الاستثناء الأول ايضا على ما هو الظاهر ولا يخفى على المنصف أنه تعسف .
وأما قوله تعالى ليس لهم طعام إلا من ضريع 2 فالمعنى لا طعام لهم أصلا لأن الضريع ليس بطعام البهائم فضلا عن الإنس وذلك كقولك ليس لفلان ظل إلا الشمس تريد ذلك نفي الظل عنه على التوكيد والضريع نبت ذو شوك يسمى الشبرق في حال خضرته وطراوته فإذا يبس سمى الضريع والإبل ترعاه طريا لا يابسا .
وقريب منه تأكيد المدح بما يشبه الذم بأن يستثنى من صفة ذم منفية عن الشيء صفة مدح بتقدير دخولها فيها كقوله تعالى لايسمعون فيها لغوا ولا تأثيما إلا قيلا سلاما سلاما 3 التأكيد فيه من وجهين على الاتصال في الاستثناء والانقطاع .
القسم الحادي والعشرون .
المبالغة .
وهي أن يكون للشيء صفة ثابتة فتزيد في التعريف بمقدار شدته أو ضعفه فيدعى