يخبر تعالى عن حلمه وإنظاره العصاة الذين يعملون السيئات ويدعون إليها ويمكرون بالناس في دعائهم إياهم وحملهم عليها مع قدرته على أن يخسف بهم الأرض أو يأتيهم العذاب { من حيث لا يشعرون } أي من حيث لا يعلمون مجيئه إليهم كقوله تعالى : { أأمنتم من في السماء أن يخسف بكم الأرض فإذا هي تمور * أم أمنتم من في السماء أن يرسل عليكم حاصبا فستعلمون كيف نذير } وقوله : { أو يأخذهم في تقلبهم } أي في تقلبهم في المعايش واشتغالهم بها في أسفارهم ونحوها من الأشغال الملهية قال قتادة والسدي : تقلبهم أي أسفارهم وقال مجاهد والضحاك وقتادة { في تقلبهم } في الليل والنهار كقوله { أفأمن أهل القرى أن يأتيهم بأسنا بياتا وهم نائمون * أو أمن أهل القرى أن يأتيهم بأسنا ضحى وهم يلعبون } .
وقوله : { فما هم بمعجزين } أي لا يعجزون الله على أي حال كانوا عليه وقوله : { أو يأخذهم على تخوف } أي أو يأخذهم الله في حال خوفهم من أخذه لهم فإنه يكون أبلغ وأشد فإن حصول ما يتوقع مع الخوف شديد ولهذا قال العوفي عن ابن عباس : { أو يأخذهم على تخوف } يقول : إن شئت أخذته على أثر موت صاحبه وتخوفه بذلك وكذا روي عن مجاهد والضحاك وقتادة وغيرهم ثم قال تعالى : { فإن ربكم لرؤوف رحيم } أي حيث لم يعاجلكم بالعقوبة كما ثبت في الصحيحين [ لا أحد أصبر على أذى سمعه من الله إنهم يجعلون له ولدا وهو يرزقهم ويعافيهم ] وفيهما [ إن الله ليملي للظالم حتى إذا أخذه لم يفلته ] ثم قرأ رسول الله صلى الله عليه وسلّم { وكذلك أخذ ربك إذا أخذ القرى وهي ظالمة إن أخذه أليم شديد } وقال تعالى : { وكأين من قرية أمليت لها وهي ظالمة ثم أخذتها وإلي المصير }