يقول تعالى : { والذين آتيناهم الكتاب } وهم قائمون بمقتضاه { يفرحون بما أنزل إليك } أي من القرآن لما في كتبهم من الشواهد على صدقه والبشارة به كما قال تعالى : { الذين آتيناهم الكتاب يتلونه حق تلاوته } الاية وقال تعالى : { قل آمنوا به أو لا تؤمنوا إن الذين أوتوا العلم من قبله إذا يتلى عليهم يخرون للأذقان سجدا * ويقولون سبحان ربنا إن كان وعد ربنا لمفعولا } أي إن كان ما وعدنا الله به في كتبنا من إرسال محمد صلى الله عليه وسلّم لحقا وصدقا مفعولا لا محالة وكائنا فسبحانه ما أصدق وعده فله الحمد وحده { ويخرون للأذقان يبكون ويزيدهم خشوعا } وقوله { ومن الأحزاب من ينكر بعضه } أي ومن الطوائف من يكذب ببعض ما أنزل إليك وقال مجاهد { ومن الأحزاب } أي اليهود والنصارى { من ينكر بعضه } أي بعض ما جاءك من الحق وكذا قال قتادة وعبد الرحمن بن زيد بن أسلم وهذا كما قال تعالى : { وإن من أهل الكتاب لمن يؤمن بالله } الاية { قل إنما أمرت أن أعبد الله ولا أشرك به } أي إنما بعثت بعبادة الله وحده لا شريك له كما أرسل الأنبياء من قبلي { إليه أدعو } أي إلى سبيله أدعو الناس { وإليه مآب } أي مرجعي ومصيري .
وقوله : { وكذلك أنزلناه حكما عربيا } أي وكما أرسلنا قبلك المرسلين وأنزلنا عليهم الكتب من السماء كذلك أنزلنا عليك القرآن محكما معربا شرفناك به وفضلناك على من سواك بهذا الكتاب المبين الواضح الجلي الذي { لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه تنزيل من حكيم حميد } وقوله : { ولئن اتبعت أهواءهم } أي آراءهم { بعد ما جاءك من العلم } أي من الله سبحانه { ما لك من الله من ولي ولا واق } وهذا وعيد لأهل العلم أن يتبعوا سبل أهل الضلالة بعدما صاروا إليه من سلوك السنة النبوية والمحجة المحمدية على من جاء بها أفضل الصلاة والسلام