يقول تعالى : { ويستعجلونك } أي هؤلاء المكذبون { بالسيئة قبل الحسنة } أي بالعقوبة كما أخبر عنهم في قوله : { وقالوا يا أيها الذي نزل عليه الذكر إنك لمجنون * لو ما تأتينا بالملائكة إن كنت من الصادقين * ما ننزل الملائكة إلا بالحق وما كانوا إذا منظرين } وقال تعالى : { ويستعجلونك بالعذاب } الايتين وقال تعالى : { سأل سائل بعذاب واقع } وقال : { يستعجل بها الذين لا يؤمنون بها والذين آمنوا مشفقون منها ويعلمون أنها الحق } { وقالوا ربنا عجل لنا قطنا } الاية أي عقابنا وحسابنا كما قال مخبرا عنهم : { وإذ قالوا اللهم إن كان هذا هو الحق من عندك } الاية فكانوا من شدة تكذيبهم وعنادهم وكفرهم يطلبون أن يأتيهم بعذاب الله قال الله تعالى : { وقد خلت من قبلهم المثلات } أي قد أوقعنا نقمنا بالأمم الخالية وجعلناهم عبرة وعظة لمن اتعظ بهم .
ثم أخبر تعالى أنه لولا حلمه وعفوه لعاجلهم بالعقوبة كما قال : { ولو يؤاخذ الله الناس بما كسبوا ما ترك على ظهرها من دابة } وقال تعالى في هذه الاية الكريمة : { وإن ربك لذو مغفرة للناس على ظلمهم } أي إنه تعالى ذو عفو وصفح وستر للناس مع أنهم يظلمون ويخطئون بالليل والنهار ثم قرن هذا الحكم بأنه شديد العقاب ليعتدل الرجاء والخوف كما قال تعالى : { فإن كذبوك فقل ربكم ذو رحمة واسعة ولا يرد بأسه عن القوم المجرمين } وقال : { إن ربك لسريع العقاب وإنه لغفور رحيم } وقال : { نبئ عبادي أني أنا الغفور الرحيم * وأن عذابي هو العذاب الأليم } إلى أمثال ذلك من الايات التي تجمع الرجاء والخوف وقال ابن أبي حاتم : حدثنا أبي حدثنا موسى بن إسماعيل حدثنا حماد عن علي بن زيد عن سعيد بن المسيب قال : لما نزلت هذه الاية { وإن ربك لذو مغفرة للناس على ظلمهم } الاية قال رسول الله صلى الله عليه وسلّم : [ لولا عفو الله وتجاوزه ما هنأ أحدا العيش ولولا وعيده وعقابه لا تكل كل أحد ] وروى الحافظ ابن عساكر في ترجمة الحسن بن عثمان أبي حسان الزيادي أنه رأى رب العزة في النوم ورسول الله صلى الله عليه وسلّم واقف بين يديه يشفع في رجل من أمته فقال له : ألم يكفك أني أنزلت عليك في سورة الرعد { وإن ربك لذو مغفرة للناس على ظلمهم } قال : ثم انتبهت