يخبر تعالى بألطافه بيوسف عليه السلام أنه قيض له الذي اشتراه من مصر حتى اعتنى به وأكرمه وأوصى أهله به وتوسم فيه الخير والصلاح فقال لامرأته { أكرمي مثواه عسى أن ينفعنا أو نتخذه ولدا } وكان الذي اشتراه من مصر عزيزها وهو الوزير حدثنا العوفي عن ابن عباس وكان اسمه قطفير وقال محمد بن إسحاق : اسمه أطفير بن روحيب وهو العزيز وكان على خزائن مصر وكان الملك يومئذ الريان بن الوليد رجل من العماليق قال : واسم امرأته راعيل بنت رعائيل وقال غيره : اسمها زليخا وقال محمد بن إسحاق أيضا عن محمد بن السائب عن أبي صالح عن ابن عباس : كان الذي باعه بمصر مالك بن دعر بن بويب بن عنقا بن مديان بن إبراهيم فالله أعلم وقال أبو إسحاق عن أبي عبيدة عن عبد الله بن مسعود أنه قال : أفرس الناس ثلاثة : عزيز مصر حين قال لامرأته : { أكرمي مثواه } والمرأة التي قالت لأبيها { يا أبت استأجره } الاية وأبو بكر الصديق حين استخلف عمر بن الخطاب Bهما يقول تعالى : كما أنقذنا يوسف من إخوته { كذلك مكنا ليوسف في الأرض } يعني بلاد مصر { ولنعلمه من تأويل الأحاديث } .
قال مجاهد والسدي : هو تعبير الرؤيا { والله غالب على أمره } أي إذا أراد شيئا فلا يرد ولا يمانع ولا يخالف بل هو الغالب لما سواه قال سعيد بن جبير في قوله : { والله غالب على أمره } : أي فعال لما يشاء وقوله : { ولكن أكثر الناس لا يعلمون } يقول : لا يدرون حكمته في خلقه وتلطفه وفعله لما يريد وقوله : { ولما بلغ } أي يوسف عليه السلام { أشده } أي استكمل عقله وتم خلقه { آتيناه حكما وعلما } يعني النبوة أنه حباه بها بين أولئك الأقوام { وكذلك نجزي المحسنين } أي إنه كان محسنا في عمله عاملا بطاعة الله تعالى وقد اختلف في مقدار المدة التي بلغ فيها أشده فقال ابن عباس ومجاهد وقتادة : ثلاث وثلاثون سنة وعن ابن عباس : بضع وثلاثون وقال الضحاك : عشرون وقال الحسن : أربعون سنة وقال عكرمة : خمس وعشرون سنة وقال السدي : ثلاثون سنة وقال سعيد بن جبير : ثماني عشرة سنة وقال الإمام مالك وربيعة بن زيد بن أسلم والشعبي : الأشد الحلم وقيل غير ذلك والله أعلم