لما يئس نبي الله شعيب من استجابتهم له قال يا قوم { اعملوا على مكانتكم } أي طريقتكم وهذا تهديد شديد { إني عامل } على طريقتي { سوف تعلمون من يأتيه عذاب يخزيه ومن هو كاذب } أي مني ومنكم { وارتقبوا } أي انتظروا { إني معكم رقيب } قال الله تعالى : { ولما جاء أمرنا نجينا شعيبا والذين آمنوا معه برحمة منا وأخذت الذين ظلموا الصيحة فأصبحوا في ديارهم جاثمين } وقوله جاثمين اي هامدين لا حراك بهم وذكر ههنا أنه أتتهم صيحة وفي الأعراف رجفة وفي الشعراء عذاب يوم الظلة وهم أمة واحدة اجتمع عليهم يوم عذابهم هذه النقم كلها وإنما ذكر في كل سياق ما يناسبه ففي الأعراف لما قالوا { لنخرجنك يا شعيب والذين آمنوا معك من قريتنا } ناسب أن يذكر الرجفة الرجفة فرجفت بهم الأرض التي ظلموا بها وأرادوا إخراج نبيهم منها وههنا لما أساءوا الأدب في مقالتهم على نبيهم ذكر الصيحة التي استلبثتهم وأخمدتهم وفي الشعراء لما قالوا { فأسقط علينا كسفا من السماء إن كنت من الصادقين } قال { فأخذهم عذاب يوم الظلة إنه كان عذاب يوم عظيم } وهذا من الأسرار الدقيقة ولله الحمد والمنة كثيرا دائما وقوله : { كأن لم يغنوا فيها } أي يعيشوا في دارهم قبل ذلك { ألا بعدا لمدين كما بعدت ثمود } وكانوا جيرانهم قريبا منهم في الدار وشبيها بهم في الكفر وقطع الطريق وكانوا عربا مثلهم