يخبر تعالى أنهم قالوا لنبيهم { ما جئتنا ببينة } أي بحجة وبرهان على ما تدعيه { وما نحن بتاركي آلهتنا عن قولك } أي بمجرد قولك اتركوهم نتركهم { وما نحن لك بمؤمنين } بمصدقين { إن نقول إلا اعتراك بعض آلهتنا بسوء } يقولون : ما نظن إلا أن بعض الالهة أصابك بجنون وخبل في عقلك بسبب نهيك عن عبادتها وعيبك لها { قال إني أشهد الله واشهدوا أني بريء مما تشركون * من دونه } يقول : إني بريء من جميع الأنداد والأصنام { فكيدوني جميعا } أي أنتم وآلهتكم إن كانت حقا { ثم لا تنظرون } أي طرفة عين وقوله : { إني توكلت على الله ربي وربكم ما من دابة إلا هو آخذ بناصيتها } أي تحت قهره وسلطانه وهو الحاكم العادل الذي لا يجور في حكمه فإنه على صراط مستقيم قال الوليد بن مسلم عن صفوان بن عمرو عن أيفع بن عبد الكلاعي أنه قال في قوله تعالى : { ما من دابة إلا هو آخذ بناصيتها إن ربي على صراط مستقيم } قال : فيأخذ بنواصي عباده فيلقن المؤمن حتى يكون له أشفق من الوالد لولده ويقول : { ما غرك بربك الكريم } وقد تضمن هذا المقام حجة بالغة ودلالة قاطعة على صدق ما جاءهم به وبطلان ما هم عليه من عبادة الأصنام التي لا تنفع ولا تضر بل هي جماد لا تسمع ولاتبصر ولا توالي ولا تعادي وإنما يستحق إخلاص العبادة الله وحده لا شريك له الذي بيده الملك وله التصرف وما من شيء إلا تحت ملكه وقهره وسلطانه فلا إله إلا هو ولا رب سواه