يقول تعالى : { ولو شاء ربك } يا محمد لأذن لأهل الأرض كلهم في الإيمان بما جئتهم به فآمنوا كلهم ولكن له حكمة فيما يفعله تعالى كقوله تعالى : { ولو شاء ربك لجعل الناس أمة واحدة ولا يزالون مختلفين * إلا من رحم ربك ولذلك خلقهم وتمت كلمة ربك لأملأن جهنم من الجنة والناس أجمعين } وقال تعالى : { أفلم ييأس الذين آمنوا أن لو يشاء الله لهدى الناس جميعا } ولهذا قال تعالى : { أفأنت تكره الناس } أي تلزمهم وتلجئهم { حتى يكونوا مؤمنين } أي ليس ذلك عليك ولا إليك بل الله { يضل من يشاء ويهدي من يشاء } { فلا تذهب نفسك عليهم حسرات } { ليس عليك هداهم ولكن الله يهدي من يشاء } { لعلك باخع نفسك أن لا يكونوا مؤمنين } { إنك لا تهدي من أحببت } { فإنما عليك البلاغ وعلينا الحساب } { فذكر إنما أنت مذكر * لست عليهم بمصيطر } إلى غير ذلك من الايات الدالة على أن الله تعالى هو الفعال لما يريد الهادي من يشاء المضل لمن يشاء لعلمه وحكمته وعدله ولهذا قال تعالى : { وما كان لنفس أن تؤمن إلا بإذن الله ويجعل الرجس } وهو الخبال والضلال { على الذين لا يعقلون } أي حجج الله وأدلته وهو العادل في كل ذلك في هداية من هدى وإضلال من ضل