يقول تعالى لنبيه صلى الله عليه وسلّم وإن كذبك هؤلاء المشركون فتبرأ منهم ومن عملهم { فقل لي عملي ولكم عملكم } كقوله تعالى : { قل يا أيها الكافرون * لا أعبد ما تعبدون } إلى آخرها وقال إبراهيم الخليل وأتباعه لقومهم المشركين { إنا برآء منكم ومما تعبدون من دون الله } الاية وقوله : { ومنهم من يستمعون إليك } أي يسمعون كلامك الحسن والقرآن العظيم والأحاديث الصحيحة الفصيحة النافعة في القلوب والأديان والأبدان وفي هذا كفاية عظيمة ولكن ليس ذلك إليك ولا إليهم فإنك لا تقدر على إسماع الأصم وهو الأطرش فكذلك لا تقدر على هداية هؤلاء إلا أن يشاء الله { ومنهم من ينظر إليك } أي ينظرون إليك وإلى ما أعطاك الله من التؤدة والسمت الحسن والخلق العظيم والدلالة الظاهرة على نبوتك لأولي البصائر والنهى وهؤلاء ينظرون كما ينظر غيرهم ولا يحصل لهم من الهداية شيء كما يحصل لغيرهم بل المؤمنون ينظرون إليك بعين الوقار وهؤلاء الكفار ينظرون إليك بعين الاحتقار { وإذا رأوك إن يتخذونك إلا هزوا } الاية .
ثم أخبر تعالى أنه لا يظلم أحدا شيئا وإن كان قد هدى به من هدى وبصر به من العمى وفتح به أعينا عميا وآذانا صما وقلوبا غلفا وأضل به عن الإيمان آخرين فهو الحاكم المتصرف في ملكه بما يشاء الذي لا يسأل عما يفعل وهم يسألون لعلمه وحكمته وعدله ولهذا قال تعالى : { إن الله لا يظلم الناس شيئا ولكن الناس أنفسهم يظلمون } وفي الحديث عن أبي ذر عن النبي صلى الله عليه وسلّم فيما يرويه عن ربه D [ يا عبادي إني حرمت الظلم على نفسي وجعلته بينكم محرما فلا تظالموا ـ إلى أن قال في آخره ـ يا عبادي إنما هي أعمالكم أحصيها لكم ثم أوفيكم إياها فمن وجد خيرا فليحمد الله ومن وجد غير ذلك فلا يلومن إلا نفسه ] رواه مسلم بطوله