أما الحروف المقطعة في أوائل السور فقد تقدم الكلام عليها في أوائل سورة البقرة وقال أبو الضحى عن ابن عباس في قوله تعالى : { الر } أي أنا الله أرى وكذلك قال الضحاك وغيره { تلك آيات الكتاب الحكيم } بياض في الأصل أي هذه آيات القرآن المحكم المبين وقال مجاهد { الر تلك آيات الكتاب الحكيم } وقال الحسن : التوراة والزبور وقال قتادة : { تلك آيات الكتاب } قال الكتب التي كانت قبل القرآن وهذا القول لا أعرف وجهه ولا معناه وقوله { أكان للناس عجبا } الاية يقول تعالى منكرا على من تعجب من الكفار من إرسال المرسلين من البشر كما أخبر تعالى عن القرون الماضين من قولهم : { أبشر يهدوننا } وقال هود وصالح لقومهما : { أوعجبتم أن جاءكم ذكر من ربكم على رجل منكم } وقال تعالى مخبرا عن كفار قريش أنهم قالوا : { أجعل الآلهة إلها واحدا إن هذا لشيء عجاب } وقال الضحاك عن ابن عباس : لما بعث الله تعالى محمدا صلى الله عليه وسلّم رسولا أنكرت العرب ذلك أو من أنكر منهم فقالوا : الله أعظم من أن يكون رسوله بشرا مثل محمد قال فأنزل الله D { أكان للناس عجبا } الاية وقوله : { أن لهم قدم صدق عند ربهم } اختلفوا فيه فقال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس في قوله : { وبشر الذين آمنوا أن لهم قدم صدق } يقول سبقت لهم السعادة في الذكر الأول وقال العوفي عن ابن عباس { أن لهم قدم صدق عند ربهم } يقول : أجرا حسنا بما قدموا وكذا قال الضحاك والربيع بن أنس وعبد الرحمن بن زيد بن أسلم وهذا كقوله تعالى : { لينذر بأسا شديدا } الاية وقال مجاهد { أن لهم قدم صدق عند ربهم } قال الأعمال الصالحة صلاتهم وصومهم وصدقتهم وتسبيحهم قال : ومحمد صلى الله عليه وسلّم يشفع لهم وكذا قال زيد بن أسلم ومقاتل بن حيان وقال قتادة سلف صدق عند ربهم واختار ابن جرير قول مجاهد أن الأعمال الصالحة التي قدموها كما يقال له قدم في الإسلام كقول حسان : .
لنا القدم العليا إليك وخلفنا لأولنا في طاعة الله تابع .
وقول ذي الرمة : .
لكم قدم لا ينكر الناس أنها مع الحسب العادي طمت على البحر وقوله تعالى : { قال الكافرون إن هذا لساحر مبين } أي مع أنا بعثنا إليهم رسولا منهم رجلا من جنسهم بشيرا ونذيرا { قال الكافرون إن هذا لساحر مبين } أي ظاهر وهم الكاذبون في ذلك