ابن عباس هما يومان ذكرهما الله في كتابه الله اعلم بهما فكره أن يقول في كتاب الله ما لا يعلم وقال ابن جرير أيضا حدثني يعقوب يعني ابن إبراهيم حدثنا ابن علية عن مهدي بن ميمون عن الوليد بن مسلم قال جاء طلق بن حبيب إلى جندب بن عبد الله فسأله عن آية من القرآن فقال أحرج عليك إن كنت مسلما إلا ما قمت عني أو قال أن تجالسني وقال مالك عن يحيى بن سعيد عن سعيد بن المسيب أنه كان إذا سئل عن تفسير آية من القرآن قال إنا لا نقول في القرآن شيئا وقال الليث عن يحيى بن سعيد عن سعيد بن المسيب أنه كان لا يتكلم إلا في المعلوم من القرآن وقال شعبة عن عمرو بن مرة قال سأل رجل سعيد بن المسيب عن آية من القرآن فقال لا تسألني عن القرآن وسل من يزعم انه لا يخفى عليه منه شيء يعني عكرمة وقال ابن شوذب حدثني يزيد بن أبي يزيد قال كنا نسأل سعيد بن المسيب عن الحلال والحرام وكان أعلم الناس فإذا سألناه عن تفسير آية من القرآن سكت كأن لم يسمع وقال ابن جرير حدثني أحمد بن عبدة الضبي حدثنا حماد بن زيد حدثنا عبيد الله بن عمر قال لقد أدركت فقهاء المدينة وإنهم ليعظمون القول في التفسير منهم سالم بن عبد الله والقاسم بن محمد وسعيد بن المسيب ونافع وقال أبو عبيد فضائل 229 حدثنا عبد الله بن صالح عن الليث عن هشام بن عروة قال ما سمعت أبي تأول آية من كتاب الله قط وقال أيوب وابن عون وهشام الدستوائي عن محمد بن سيرين سألت عبيدة يعني السلماني عن آية من القرآن فقال ذهب الذين كانوا يعملون فيم انزل القرآن فاتق الله وعليك بالسداد وقال أبو عبيد فضائل 229 حدثنا معاذ عن ابن عون عن عبد الله بن مسلم بن يسار عن أبيه قال إذا حدثت عن الله حديثا فقف حتى تنظر ما قبله وما بعده حدثنا هشيم عن مغيرة عن إبراهيم قال كان أصحابنا يتقون التفسير ويهابونه وقال شعبة عن عبد الله بن أبي السفر قال قال الشعبي والله ما من آية إلا وقد سألت عنها ولكنها الرواية عن الله D وقال أبو عبيد فضائل 229 حدثنا هشيم حدثنا عمرو بن أبي زائدة عن الشعبي عن مسروق قال اتقوا التفسير فإنما هو الرواية عن الله فهذه الآثار الصحيحة وما شاكلها عن أئمة السلف محمولة على تحرجهم عن الكلام في التفسير بما لا علم لهم به فأما من تكلم بما يعلم من ذلك لغة وشرعا فلا حرج عليه ولهذا روي عن هؤلاء وغيرهم أقوال في التفسير ولا منافاة لأنهم تكلموا فيما علموه وسكتوا عما جهلوه وهذا هو الواجب على كل أحد فإنه كما يجب السكوت عما لا علم له به فكذلك يجب القول فيما سئل عنه مما يعلمه لقوله تعالى لتبيننه للناس ولا تكتمونه ولما جاء في الحديث الذي روي من طرق من سئل عن علم فكتمه ألجم يوم القيامة بلجام من نار وأما الحديث الذي رواه أبو جعفر بن جرير حدثنا عباس بن عبد العظيم حدثنا محمد بن خالد بن عثمة حدثنا جعفر بن محمد بن الزبيري حدثني هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة قالت ما كان النبي صلى الله عليه وسلّم يفسر شيئا من القرآن إلا آيا تعد علمهن إياه جبريل عليه السلام ثم رواه عن أبي بكر محمد بن يزيد الطرسوسي عن معن بن عيسى عن جعفر بن خالد عن هشام به فإنه حديث منكر غريب وجعفر هذا هو ابن محمد بن خالد بن الزبير بن العوام القرشي الزبيري قال البخاري لا يتابع في حديثه وقال الحافظ أبو الفتح الأزدي منكر الحديث وتكلم عليه الإمام أبو جعفر بما حاصله أن هذه الآيات مما لا يعلم إلا بالتوقيف عن الله تعالى مما وقفه عليها جبريل وهذا تأويل صحيح لو صح الحديث فإن من القرآن ما استأثر الله تعالى بعلمه ومنه ما يعلمه العلماء ومنه ما تعلمه العرب من لغاتها ومنه ما لا يعذر أحد في جهله كما صرح بذلك ابن عباس فيما قال ابن جرير حدثنا محمد بن بشار حدثنا مؤمل حدثنا سفيان عن أبي الزناد قال قال ابن عباس التفسير على أربعة أوجه وجه تعرفه العرب من كلامها وتفسير لا يعذر أحد بجهالته وتفسير يعلمه العلماء وتفسير لا يعلمه إلا الله قال ابن جرير وقد روي نحوه في حديث في إسناده نظر حدثني يونس بن عبد الأعلى الصدفي أنبأنا ابن وهب قال سمعت عمرو بن الحارث يحدث عن الكلبي عن أبي صالح مولى أم هانئ عن عبد الله بن عباس أن رسول الله صلى الله عليه وسلّم قال أنزل القرآن على أربعة أحرف حلال وحرام لا يعذر أحد بالجهالة به وتفسير تفسره العرب وتفسير تفسره العلماء ومتشابه لا يعلمه إلا الله D ومن ادعى علمه سوى الله فهو كاذب والنظر الذي أشار إليه في إسناده هو من جهة محمد بن السائب الكلبي فإنه متروك الحديث لكن قد يكون إنما وهم في رفعه ولعله من كلام ابن عباس كما تقدم والله اعلم بالصواب