يقول تعالى مخبرا عما أنذر به آدم وزوجته وإبليس حين أهبطهم من الجنة والمراد الذرية أنه سينزل الكتب ويبعث الأنبياء والرسل كما قال أبو العالية : الهدى : الأنبياء والرسل والبينات والبيان وقال مقاتل بن حيان الهدى : محمد صلى الله عليه وسلّم وقال الحسن : الهدى : القرآن وهذان القولان صحيحان وقول أبي العالية أعم { فمن اتبع هداي } أي من أقبل على ما أنزلت به الكتب وأرسلت به الرسل { فلا خوف عليهم } أي فيما يستقبلونه من أمر الاخرة { ولا هم يحزنون } على ما فاتهم من أمور الدنيا كما قال في سورة طه { قال اهبطا منها جميعا بعضكم لبعض عدو فإما يأتينكم مني هدى فمن اتبع هداي فلا يضل ولا يشقى } قال ابن عباس : فلا يضل في الدنيا ولا يشقى في الاخرة { ومن أعرض عن ذكري فإن له معيشة ضنكا ونحشره يوم القيامة أعمى } كما قال ههنا { والذين كفروا وكذبوا بآياتنا أولئك أصحاب النار هم فيها خالدون } أي مخلدون فيها لا محيد لهم عنها ولا محيص وقد أورد ابن جرير ههنا حديثا ساقه من طريقين عن أبي سلمة سعيد بن يزيد عن أبي نضرة المنذر بن مالك بن قطعة عن أبي سعيد واسمه سعد بن مالك بن سنان الخدري قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلّم : [ أما أهل النار الذي هم أهلها فلا يموتون فيها ولا يحيون ولكن أقوام أصابتهم النار بخطاياهم فأماتتهم إماتة حتى إذا صاروا فحما أذن في الشفاعة ] وقد رواه مسلم من حديث شعبة عن أبي سلمة به وذكر هذا الإهباط الثاني لما تعلق به ما بعده من المعنى المغاير للأول وزعم بعضهم : أنه تأكيد وتكرير كما يقال : قم قم وقال آخرون : بل الاهباط الأول من الجنة إلى السماء الدنيا والثاني من سماء الدنيا إلى الأرض والصحيح الأول والله أعلم