يقول تعالى مجيبا لنفسه في قوله { إن هي إلا فتنتك } الاية قال { عذابي أصيب به من أشاء ورحمتي وسعت كل شيء } أي أفعل ما أشاء وأحكم ما أريد ولي الحكمة والعدل في كل ذلك سبحانه لا إله إلا هو وقوله تعالى : { ورحمتي وسعت كل شيء } الاية عظيمة الشمول والعموم كقوله تعالى إخبارا عن حملة العرش ومن حوله أنهم يقولون { ربنا وسعت كل شيء رحمة وعلما } وقال الإمام أحمد : حدثنا عبد الصمد حدثنا أبي حدثنا الجريري عن أبي عبد الله الجشمي حدثنا جندب هو ابن عبد الله البجلي Bه قال : جاء أعرابي فأناخ راحلته ثم علقها ثم صلى خلف رسول الله صلى الله عليه وسلّم فلما صلى رسول الله صلى الله عليه وسلّم أتى راحلته فأطلق عقالها ثم ركبها ثم نادى اللهم ارحمني ومحمدا ولا تشرك في رحمتنا أحدا فقال رسول الله صلى الله عليه وسلّم [ أتقولون هذا أضل أم بعيره ألم تسمعوا ما قال ؟ ] قالوا بلى قال : [ لقد حظرت رحمة واسعة إن الله D خلق مائة رحمة فأنزل رحمة يتعاطف بها الخلق جنها وإنسها وبهائمها وأخر عنده تسعا وتسعين رحمة أتقولون هو أضل أم بعيره ؟ ] رواه أحمد وأبو داود عن علي بن نصر عن عبد الصمد بن عبد الوارث به وقال الإمام أحمد أيضا : حدثنا يحيى بن سعيد عن سليمان عن أبي عثمان عن سلمان عن النبي صلى الله عليه وسلّم قال [ إن لله D مائة رحمة فمنها رحمة يتراحم بها الخلق وبها تعطف الوحوش على أولادها وأخر تسعة وتسعين إلى يوم القيامة ] تفرد بإخراجه مسلم فرواه من حديث سليمان هو ابن طرخان وداود بن أبي هند كلاهما عن أبي عثمان واسمه عبد الرحمن بن مل عن سلمان هو الفارسي عن النبي صلى الله عليه وسلّم به وقال الإمام أحمد : حدثنا عفان حدثنا حماد عن عاصم بن بهدلة عن أبي صالح عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلّم قال : [ إن لله مائة رحمة عنده تسعة وتسعون وجعل عندكم واحدة تتراحمون بها بين الجن والإنس وبين الخلق فإذا كان يوم القيامة ضمها إليه ] تفرد به أحمد من هذا الوجه وقال أحمد : حدثنا عفان حدثنا عبد الواحد حدثنا الأعمش عن أبي صالح عن أبي سعيد قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلّم [ لله مائة رحمة فقسم منها جزءا واحدا بين الخلق به يتراحم الناس والوحش والطير ] ورواه ابن ماجه من حديث أبي معاوية عن الأعمش به وقال الحافظ ابو القاسم الطبراني : حدثنا محمد بن عثمان بن أبي شيبة حدثنا أحمد بن يونس حدثنا سعد أبو غيلان الشيباني عن حماد بن أبي سليمان عن إبراهيم عن صلة بن زفر عن حذيفة بن اليمان Bه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلّم [ والذي نفسي بيده ليدخلن الجنة الفاجر في دينه الأحمق في معيشته والذي نفسي بيده ليدخلن الجنة الذي قد محشته النار بذنبه والذي نفسي بيده ليغفرن الله يوم القيامة مغفرة يتطاول لها إبليس رجاء أن تصيبه ] هذا حديث غريب جدا وسعد هذا لا أعرفه وقوله { فسأكتبها للذين يتقون } الاية يعني فسأوجب حصول رحمتي منة مني وإحسانا إليهم كما قال تعالى : { كتب ربكم على نفسه الرحمة } وقوله { للذين يتقون } أي سأجعلها للمتصفين بهذه الصفات وهم أمة محمد صلى الله عليه وسلّم { الذين يتقون } أي الشرك والعظائم من الذنوب قوله { ويؤتون الزكاة } قيل زكاة النفوس وقيل الأموال ويحتمل أن تكون عامة لهما فإن الاية مكية { والذين هم بآياتنا يؤمنون } أي يصدقون