يخبر تعالى أن موسى عليه السلام لما رجع إلى قومه من مناجاة ربه تعالى وهو غضبان أسف قال أبو الدرداء الأسف أشد الغضب { قال بئسما خلفتموني من بعدي } يقول بئس ما صنعتم في عبادة العجل بعد أن ذهبت وتركتكم وقوله { أعجلتم أمر ربكم } يقول استعجلتم مجيئي إليكم وهو مقدر من الله تعالى وقوله { وألقى الألواح وأخذ برأس أخيه يجره إليه } قيل كانت الألواح من زمرد وقيل من ياقوت وقيل من برد وفي هذا دلالة على ما جاء في الحديث : [ ليس الخبر كالمعاينة ] ثم ظاهر السياق أنه إنما ألقى الألواح غضبا على قومه وهذا قول جمهور العلماء سلفا وخلفا وروى ابن جرير عن قتادة في هذا قولا غريبا لا يصح إسناده إلى حكاية قتادة وقد رده ابن عطية وغير واحد من العلماء وهو جدير بالرد وكأنه تلقاه قتادة عن بعض أهل الكتاب وفيهم كذابون ووضاعون وأفاكون وزنادقة وقوله { وأخذ برأس أخيه يجره إليه } خوفا أن يكون قد قصر في نهيهم كما قال في الاية الأخرى { قال يا هارون ما منعك إذ رأيتهم ضلوا * أن لا تتبعن أفعصيت أمري * قال يا ابن أم لا تأخذ بلحيتي ولا برأسي إني خشيت أن تقول فرقت بين بني إسرائيل ولم ترقب قولي } وقال ههنا { ابن أم إن القوم استضعفوني وكادوا يقتلونني فلا تشمت بي الأعداء ولا تجعلني مع القوم الظالمين } أي لا تسوقني سياقهم وتجعلني معهم وإنما قال : ابن أم ليكون أرق وأنجع عنده وإلا فهو شقيقه لأبيه وأمه فلما تحقق موسى عليه السلام براءة ساحة هارون عليه السلام كما قال تعالى : { ولقد قال لهم هارون من قبل يا قوم إنما فتنتم به وإن ربكم الرحمن فاتبعوني وأطيعوا أمري } فعند ذلك { قال } موسى { رب اغفر لي ولأخي وأدخلنا في رحمتك وأنت أرحم الراحمين } وقال ابن أبي حاتم حدثنا الحسن بن محمد بن الصباح حدثنا عفان حدثنا أبو عوانة عن أبي بشر عن سعيد بن جبير عن ابن عباس قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلّم [ يرحم الله موسى ليس المعاين كالمخبر أخبره ربه D أن قومه فتنوا بعده فلم يلق الألواح فلما رآهم وعاينهم ألقى الألواح ]