يخبر تعالى عن شدة كفرهم وتمردهم وعتوهم وما هم فيه من الضلال وما جبلت عليه قلوبهم من المخالفة للحق ولهذا أقسموا وقالوا { لئن اتبعتم شعيبا إنكم إذا لخاسرون } فلهذا عقبه بقوله { فأخذتهم الرجفة فأصبحوا في دارهم جاثمين } أخبر تعالى هنا أنهم أخذتهم الرجفة وذلك كما أرجفوا شعيبا وأصحابه وتوعدهم بالجلاء كما أخبر عنهم في سورة هود فقال { ولما جاء أمرنا نجينا شعيبا والذين آمنوا معه برحمة منا وأخذت الذين ظلموا الصيحة فأصبحوا في ديارهم جاثمين } والمناسبة هناك والله أعلم أنهم لما تهكموا به في قولهم { أصلاتك تأمرك } الاية فجاءت الصيحة فأسكتتهم وقال تعالى إخبارا عنهم في سورة الشعراء { فكذبوه فأخذهم عذاب يوم الظلة إنه كان عذاب يوم عظيم } وما ذاك إلا لأنهم قالوا له في سياق القصة { فأسقط علينا كسفا من السماء } الاية .
فأخبر أنه أصابهم عذاب يوم الظلة وقد اجتمع عليهم ذلك كله { فأخذهم عذاب يوم الظلة } وهي سحابة أظلتهم فيها شرر من نار ولهب ووهج عظيم ثم جاءتهم صيحة من السماء ورجفة من الأرض شديدة من أسفل منهم فزهقت الأرواح وفاضت النفوس وخمدت الأجسام { فأصبحوا في دارهم جاثمين } ثم قال تعالى : { كأن لم يغنوا فيها } أي كأنهم لما أصابتهم النقمة لم يقيموا بديارهم التي أرادوا إجلاء الرسول وصحبه منها ثم قال تعالى مقابلا لقيلهم { الذين كذبوا شعيبا كانوا هم الخاسرين }