يقول تعالى مخبرا عن إعذاره إلى المشركين بإرسال الرسل إليهم بالكتاب الذي جاء به الرسول وأنه كتاب مفصل مبين كقوله { كتاب أحكمت آياته ثم فصلت } الاية وقوله { فصلناه على علم } للعالمين أي على علم منا بما فصلناه به كقوله { أنزله بعلمه } قال ابن جرير وهذه الاية مردودة على قوله { كتاب أنزل إليك فلا يكن في صدرك حرج منه } الاية { ولقد جئناهم بكتاب } الاية وهذا الذي قاله فيه نظر فإنه قد طال الفصل ولا دليل عليه وإنما الأمر أنه لما أخبر بما صاروا إليه من الخسارة في الاخرة ذكر أنه قد أزاح عللهم في الدنيا بإرسال الرسل وإنزال الكتب كقوله { وما كنا معذبين حتى نبعث رسولا } ولهذا قال { هل ينظرون إلا تأويله } أي ما وعدوا به من العذاب والنكال والجنة والنار قاله مجاهد وغير واحد وقال مالك : ثوابه .
وقال الربيع : لا يزال يجيء من تأويله أمر حتى يتم يوم الحساب حتى يدخل أهل الجنة الجنة وأهل النار النار فيتم تأويله يومئذ وقوله { يوم يأتي تأويله } أي يوم القيامة قال ابن عباس { يقول الذين نسوه من قبل } أي تركوا العمل به وتناسوه في الدار الدنيا { قد جاءت رسل ربنا بالحق فهل لنا من شفعاء فيشفعوا لنا } أي في خلاصنا مما صرنا إليه مما نحن فيه { أو نرد } إلى الدار الدنيا { فنعمل غير الذي كنا نعمل } كقوله { ولو ترى إذ وقفوا على النار فقالوا يا ليتنا نرد ولا نكذب بآيات ربنا ونكون من المؤمنين * بل بدا لهم ما كانوا يخفون من قبل ولو ردوا لعادوا لما نهوا عنه وإنهم لكاذبون } كما قال ههنا { قد خسروا أنفسهم وضل عنهم ما كانوا يفترون } أي خسروا أنفسهم بدخولهم النار وخلودهم فيها { وضل عنهم ما كانوا يفترون } أي ذهب عنهم ما كانوا يعبدونهم من دون الله فلا يشفعون فيهم ولا ينصرونهم ولا ينقذونهم مما هم فيه