ابن مسعود أنه قال نعم الترجمان للقرآن ابن عباس ثم رواه عن بندار عن جعفر بن عون عن الأعمش به كذلك فهذا إسناد صحيح إلى ابن مسعود أنه قال عن ابن عباس هذه العبارة وقد مات ابن مسعود Bه في سنة اثنتين وثلاثين على الصحيح وعمر بعده عبد الله بن عباس ستا وثلاثين سنة فما ظنك بما كسبه من العلوم بعد ابن مسعود وقال الأعمش عن أبي وائل استخلف علي عبد الله بن عباس على الموسم فخطب الناس فقرأ في خطبته سورة البقرة وفي رواية سورة النور ففسرها تفسيرا لو سمعته الروم والترك والديلم لأسلموا ولهذا غالب ما يرويه إسماعيل بن عبد الرحمن السدي الكبير في تفسيره عن هذين الرجلين عبد الله بن مسعود وابن عباس ولكن في بعض الأحيان ينقل عنهم ما يحكونه من أقاويل أهل الكتاب التي أباحها رسول الله صلى الله عليه وسلّم حيث قال بلغوا عني ولو آية وحدثوا عن بني إسرائيل ولا حرج ومن كذب علي متعمدا فليتبوأ مقعده من النار رواه البخاري خ 3461 عن عبد الله بن عمرو ولهذا كان عبد الله بن عمرو Bهما قد أصاب يوم اليرموك زاملتين من كتب أهل الكتاب فكان يحدث منهما بما فهمه من هذا الحديث من الإذن في ذلك .
الإسرائيليات .
ولكن هذه الأحاديث الإسرائيلية تذكر للإستشهاد لا للإعتضاد فإنها على ثلاثة أقسام أحدها ما علمنا صحته مما بأيدينا مما يشهد له بالصدق فذاك صحيح والثاني ما علمنا كذبه مما عندنا مما يخالفه والثالث ما هو مسكوت عنه لا من هذا القبيل ولا من هذا القبيل فلا نؤمن به ولا نكذبه وتجوز حكايته لما تقدم وغالب ذلك مما لا فائدة فيه تعود إلى أمر ديني ولهذا يختلف علماء أهل الكتاب في هذا كثيرا ويأتي عن المفسرين خلاف بسبب ذلك كما يذكرون في مثل هذا أسماء أصحاب الكهف ولون كلبهم وعدتهم وعصا موسى من أي الشجر كانت وأسماء الطيور التي أحياها الله لإبراهيم وتعيين البعض الذي ضرب به القتيل من البقرة ونوع الشجرة التي كلم الله منها موسى إلى غير ذلك مما أبهمه الله تعالى في القرآن مما لا فائدة في تعيينه تعود على المكلفين في دينهم ولا دنياهم ولكن نقل الخلاف عنهم في ذلك جائز كما قال تعالى سيقولون ثلاثة رابعهم كلبهم ويقولون خمسة سادسهم كلبهم رجما بالغيب ويقولون سبعة وثامنهم كلبهم قل ربي أعلم بعدتهم ما يعلمهم إلا قليل فلا تمار فيهم إلا مراءا ظاهرا ولا تستفت فيهم منهم أحدا فقد اشتملت هذه الآية الكريمة على الأدب في هذا المقام وتعليم ما ينبغي في مثل هذا فإنه تعالى حكى عنهم ثلاثة أقوال ضعف القولين الأولين وسكت عن الثالث فدل على صحته إذ لو كان باطلا لرده كما ردهما ثم أرشد على أن الإطلاع على عدتهم لا طائل تحته فقال في مثل هذا قل ربي أعلم بعدتهم فإنه ما يعلم ذلك إلا قليل من الناس ممن أطلعه الله عليه فلهذا قال فلا تمار فيهم إلا مراءا ظاهرا أي لا تجهد نفسك فيما لا طائل تحته ولا تسألهم عن ذلك فإنهم لا يعلمون من ذلك إلا رجم الغيب فهذا أحسن ما يكون في حكاية الخلاف أن تستوعب الأقوال في ذلك المقام وأن تنبه على الصحيح منها وتبطل الباطل وتذكر فائدة الخلاف وثمرته لئلا يطول النزاع والخلاف فيما لا فائدة تحته فتشتغل به عن الأهم فالأهم فأما من حكى خلافا في مسألة ولم يستوعب أقوال الناس فيها فهو ناقص إذ قد يكون الصواب في الذي تركه أو يحكي الخلاف ويطلقه ولا ينبه على الصحيح من الأقوال فهو ناقص أيضا فإن صحح غير الصحيح عامدا فقد تعمد الكذب أو جاهلا فقد أخطأ وكذلك من نصب الخلاف فيما لا فائدة تحته أو حكى أقوالا متعددة لفظا ويرجع حاصلها إلى قول أو قولين معنى فقد ضيع الزمان وتكثر بما ليس بصحيح فهو كلابس ثوبي زور والله الموفق للصواب .
الرجوع إلى أقوال التابعين .
فصل إذا لم تجد التفسير في القرآن ولا في السنة ولا وجدته عن الصحابة فقد رجع كثير من الأئمة في ذلك إلى أقوال التابعين كمجاهد بن جبر فإنه كان آية في التفسير كما قال محمد بن إسحاق حدثنا أبان بن صالح عن مجاهد قال عرضت المصحف على ابن عباس ثلاث عرضات من فاتحته إلى خاتمته أوقفه عند كل آية منه وأسأله عنها وقال ابن جرير حدثنا أبو كريب حدثنا طلق بن غنام عن عثمان المكي عن ابن أبي مليكة قال رأيت مجاهدا سأل ابن عباس عن تفسير القرآن ومعه ألواحه قال فيقول له ابن عباس أكتب حتى سأله عن التفسير كله ولهذا كان سفيان الثوري يقول إذا