يخبر تعالى عما يعاقب به في نار جهنم من كفر بآياته وصد عن رسله فقال { إن الذين كفروا بآياتنا } الاية أي ندخلهم نارا دخولا يحيط بجميع أجرامهم وأجزائهم ثم أخبر عن دوام عقوبتهم ونكالهم فقال { كلما نضجت جلودهم بدلناهم جلودا غيرها ليذوقوا العذاب } قال الأعمش عن ابن عمر : إذا احترقت جلودهم بدلوا جلودا غيرها بيضاء أمثال القراطيس رواه ابن أبي حاتم وقال يحيى بن يزيد الحضرمي أنه بلغه في الاية قال : يجعل للكافر مائة جلد بين كل جلدين لون من العذاب ورواه ابن أبي حاتم وقال ابن أبي حاتم : حدثنا أبي حدثنا علي بن محمد الطنافسي حدثنا حسين الجعفي عن زائدة عن هشام عن الحسن قوله : { كلما نضجت جلودهم } الاية قال : تنضجهم في اليوم سبعين ألف مرة قال حسين : وزاد فيه فضيل عن هشام عن الحسن { كلما نضجت جلودهم } كلما أنضجتهم فأكلت لحومهم قيل لهم عودوا فعادوا وقال أيضا : ذكر عن هشام بن عمار حدثنا سعيد بن يحيى ـ يعني سعدان ـ حدثنا نافع مولى يوسف السلمي البصري عن نافع عن ابن عمر قال : قرأ رجل عند عمر هذه الاية { كلما نضجت جلودهم بدلناهم جلودا غيرها } فقال عمر : أعدها علي فأعادها فقال معاذ بن جبل : عندي تفسيرها تبدل في ساعة مائة مرة فقال عمر : هكذا سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلّم وقد رواه ابن مردويه عن محمد بن أحمد بن إبراهيم عن عبدان بن محمد المروزي عن هشام بن عمار به ورواه من وجه آخر بلفظ آخر فقال : حدثنا محمد بن إسحاق عن عمران حدثنا إبراهيم بن محمد بن الحارث حدثنا شيبان بن فروخ حدثنا نافع أبو هرمز حدثنا نافع عن ابن عمر قال : تلا رجل عند عمر هذه الاية : { كلما نضجت جلودهم } الاية قال : فقال عمر : أعدها علي وثم كعب فقال أنا عندي تفسير هذه الاية قرأتها قبل الإسلام قال : فقال هاتها يا كعب فإن جئت بها كما سمعت من رسول الله صلى الله عليه وسلّم صدقناك وإلا لم ننظر إليها فقال : إني قرأتها قبل الإسلام : كلما نضجت جلودهم بدلناهم جلودا غيرها في الساعة الواحدة عشرين ومائة مرة فقال عمر : هكذا سمعت من رسول الله صلى الله عليه وسلّم وقال الربيع بن أنس : مكتوب في الكتاب الأول : أن جلد أحدهم أربعون ذراعا وسنه تسعون ذراعا وبطنه لو وضع فيه جبل لوسعه فإذا أكلت النار جلودهم بدلوا جلودا غيرها وقد ورد في الحديث ما هو أبلغ من هذا قال الإمام أحمد : حدثنا وكيع حدثنا أبو يحيى الطويل عن أبي يحيى القتات عن مجاهد عن ابن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلّم قال [ يعظم أهل النار في النار حتى إن بين شحمة أذن أحدهم إلى عاتقه مسيرة سبعمائة عام وإن غلظ جلده سبعون ذرعا وإن ضرسه مثل أحد ] تفرد به أحمد من هذا الوجه وقيل المراد بقوله : { كلما نضجت جلودهم } أي سرابيلهم حكاه ابن جرير وهو ضعيف لأنه خلاف الظاهر وقوله : { والذين آمنوا وعملوا الصالحات سندخلهم جنات تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها أبدا } هذا إخبار عن مآل السعداء في جنات عدن التي تجري فيها الأنهار في جميع فجاجها ومحالها وأرجائها حيث شاءوا وأين أرادوا وهم خالدون فيها أبدا لا يحولون ولا يزولون ولا يبغون عنها حولا وقوله : { لهم فيها أزواج مطهرة } أي من الحيض والنفاس والأذى والأخلاق الرذيلة والصفات الناقصة كما قال ابن عباس : مطهرة من الأقذار والأذى وكذا قال عطاء والحسن والضحاك والنخعي وأبو صالح وعطية والسدي وقال مجاهد : مطهرة من البول والحيض والنخام والبزاق والمني والولد وقال قتادة : مطهرة من الأذى والمآثم ولا حيض ولا كلف وقوله { وندخلهم ظلا ظليلا } أي ظلا عميقا كثيرا غزيرا طيبا أنيقا قال ابن جرير : حدثنا ابن بشار حدثنا عبد الرحمن وحدثنا ابن المثنى حدثنا ابن جعفر قالا : حدثنا شعبة قال : سمعت أبا الضحاك يحدث عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلّم قال [ إن في الجنة لشجرة يسير الراكب في ظلها مائة عام لا يقطعها : شجرة الخلد ]