يحذر تبارك وتعالى عباده المؤمنين عن أن يطيعوا طائفة من أهل الكتاب الذين يحسدون المؤمنين على ما آتاهم الله من فضله وما منحهم به من إرسال رسوله كما قال تعالى : { ود كثير من أهل الكتاب لو يردونكم من بعد إيمانكم كفارا حسدا من عند أنفسهم } الاية وهكذا قال ههنا { إن تطيعوا فريقا من الذين أوتوا الكتاب يردوكم بعد إيمانكم كافرين } ثم قال تعالى : { وكيف تكفرون وأنتم تتلى عليكم آيات الله وفيكم رسوله } يعني أن الكفر بعيد منكم وحاشاكم منه فإن آيات الله تنزل على رسوله ليلا ونهارا وهو يتلوها عليكم ويبلغها إليكم وهذا كقوله تعالى : { وما لكم لا تؤمنون بالله والرسول يدعوكم لتؤمنوا بربكم وقد أخذ ميثاقكم إن كنتم مؤمنين } الاية بعدها وكما جاء في الحديث [ أن النبي صلى الله عليه وسلّم قال لأصحابه يوما أي المؤمنين أعجب إليكم إيمانا ؟ قالوا : الملائكة قال : وكيف لا يؤمنون وهم عند ربهم ؟ وذكروا الأنبياء قال وكيف لا يؤمنون والوحي ينزل عليهم ؟ قالوا : فنحن قال وكيف لا تؤمنون وأنا بين أظهركم ؟ قالوا : فأي الناس أعجب إيمانا ؟ قال قوم يجيئون من بعدكم يجدون صحفا يؤمنون بما فيها ] وقد ذكرت سند هذا الحديث والكلام عليه في أول شرح البخاري ولله الحمد ثم قال تعالى : { ومن يعتصم بالله فقد هدي إلى صراط مستقيم } أي ومع هذا فالاعتصام بالله والتوكل عليه هو العمدة في الهداية والعدة في مباعدة الغواية والوسيلة إلى الرشاد وطريق السداد وحصول المراد