يقول تبارك وتعالى : { قل } يا محمد معظما لربك وشاكرا له ومفوضا إليه ومتوكلا عليه { اللهم مالك الملك } أي لك الملك كله { تؤتي الملك من تشاء وتنزع الملك ممن تشاء وتعز من تشاء وتذل من تشاء } أي أنت المعطي وأنت المانع وأنت الذي ما شئت كان وما لم تشأ لم يكن وفي هذه الاية تنبيه وإرشاد إلى شكر نعمة الله تعالى على رسوله صلى الله عليه وسلّم وهذه الأمة لأن الله تعالى حول النبوة من بني إسرائيل إلى النبي العربي القرشي الأمي المكي خاتم الأنبياء على الإطلاق ورسول الله إلى جميع الثقلين : الإنس والجن الذي جمع الله فيه محاسن من كان قبله وخصه بخصائص لم يعطها نبيا من الأنبياء ولا رسولا من الرسل في العلم بالله وشريعته واطلاعه على الغيوب الماضية والاتية وكشفه له عن حقائق الاخرة ونشر أمته في الافاق في مشارق الأرض ومغاربها وإظهار دينه وشرعه على سائر الأديان والشرائع فصلوات الله وسلامه عليه دائما إلى يوم الدين ما تعاقب الليل والنهار ولهذا قال تعالى : { قل اللهم مالك الملك } الاية أي أنت المتصرف في خلقك الفعال لما تريد كما رد تعالى على من يحكم عليه في أمره حيث قال { وقالوا لولا نزل هذا القرآن على رجل من القريتين عظيم } قال الله ردا عليهم { أهم يقسمون رحمة ربك } الاية أي نحن نتصرف فيما خلقنا كما نريد بلا ممانع ولا مدافع ولنا الحكمة البالغة والحجة التامة في ذلك وهكذا يعطي النبوة لمن يريد كما قال تعالى : { الله أعلم حيث يجعل رسالته } وقال تعالى : { انظر كيف فضلنا بعضهم على بعض } الاية وقد روى الحافظ ابن عساكر في ترجمة إسحاق بن أحمد من تاريخه عن المأمون الخليفة أنه رأى في قصر ببلاد الروم مكتوبا بالحميرية فعرب له فإذا هو بسم الله ما اختلف الليل والنهار ولا دارت نجوم السماء في الفلك إلا بنقل النعيم عن ملك قد زال سلطانه إلى ملك وملك ذي العرش دائم أبدا ليس بفان ولا بمشترك وقوله تعالى : { تولج الليل في النهار وتولج النهار في الليل } أي تأخذ من طول هذا فتزيده في قصر هذا فيعتدلان ثم تأخذ من هذا في هذا فيتفاوتان ثم يعتدلان وهكذا في فصول السنة ربيعا وصيفا وخريفا وشتاء وقوله تعالى : { وتخرج الحي من الميت وتخرج الميت من الحي } أي تخرج الزرع من الحب والحب من الزرع والنخلة من النواة والنواة من النخلة والمؤمن من الكافر والكافر من المؤمن والدجاجة من البيضة والبيضة من الدجاجة وما جرى هذا المجرى من جميع الأشياء { وترزق من تشاء بغير حساب } أي تعطي من شئت من المال ما لا يعد ولا يقدر على إحصائه وتقتر على آخرين لما لك في ذلك من الحكمة والإرادة والمشيئة والعدل قال الطبراني : حدثنا محمد بن زكريا الغلابي حدثنا جعفر بن جسر بن فرقد حدثنا أبي عن عمرو بن مالك عن أبي الجوزاء عن ابن عباس Bهما عن النبي صلى الله عليه وسلّم قال : [ اسم الله الأعظم الذي إذا دعي به أجاب في هذه الاية من آل عمران { قل اللهم مالك الملك تؤتي الملك من تشاء وتنزع الملك ممن تشاء وتعز من تشاء وتذل من تشاء بيدك الخير إنك على كل شيء قدير } ]