هذا ذم من الله تعالى لأهل الكتاب بما ارتكبوه من المآثم والمحارم في تكذيبهم بآيات الله قديما وحديثا التي بلغتهم إياها الرسل إستكبارا عليهم وعنادا لهم وتعاظما على الحق واستنكافا على اتباعه ومع هذا قتلوا من قتلوا من النبيين حين بلغوهم عن الله شرعه بغير سبب ولا جريمة منهم إليهم إلا لكونهم دعوهم إلى الحق { ويقتلون الذين يأمرون بالقسط من الناس } وهذا هو غاية الكبر كما قال النبي صلى الله عليه وسلّم [ الكبر بطر الحق وغمط الناس ] وقال ابن أبي حاتم : حدثنا أبو الزبير الحسن بن علي بن مسلم النيسابوري نزيل مكة حدثني أبو حفص عمر بن حفص يعني ابن ثابت بن زرارة الأنصاري حدثنا محمد بن حمزة حدثنا أبو الحسن مولى لبني أسد عن مكحول عن أبي قبيصة بن ذؤيب الخزاعي عن أبي عبيدة بن الجراح Bه قال : [ قلت : يا رسول الله أي الناس أشد عذابا يوم القيامة ؟ قال رجل قتل نبيا أو من أمر بالمعروف ونهى عن المنكر ثم قرأ رسول الله صلى الله عليه وسلّم { إن الذين يكفرون بآيات الله ويقتلون النبيين بغير حق ويقتلون الذين يأمرون بالقسط من الناس فبشرهم بعذاب أليم } الاية ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلّم يا أبا عبيدة قتلت بنو إسرائيل ثلاثة وأربعين نبيا من أول النهار في ساعة واحدة فقام مائة وسبعون رجلا من بني إسرائيل فأمروا من قتلهم بالمعروف ونهوهم عن المنكر فقتلوهم جميعا من آخر النهار من ذلك اليوم فهم الذين ذكر الله D ] وهكذا رواه ابن جرير عن أبي عبيد الوصابي محمد بن حفص عن ابن حمير عن أبي الحسن مولى بني أسد عن مكحول به وعن عبد الله بن مسعود Bه قال : قتلت بنو إسرائيل ثلاثمائة نبي من أول النهار وأقاموا سوق بقلهم من آخره رواه ابن أبي حاتم ولهذا لما أن تكبروا عن الحق واستكبروا على الخلق قابلهم الله على ذلك بالذلة والصغار في الدنيا والعذاب المهين في الاخرة فقال تعالى : { فبشرهم بعذاب أليم } أي موجع مهين { أولئك الذين حبطت أعمالهم في الدنيا والآخرة وما لهم من ناصرين }