يقول تعالى العذاب واقع بالكافرين : { يوم تكون السماء كالمهل } قال ابن عباس ومجاهد وعطاء وسعيد بن جبير وعكرمة والسدي وغير واحد : أي كدردي الزيت { وتكون الجبال كالعهن } أي كالصوف المنفوش قاله مجاهد وقتادة والسدي وهذه الاية كقوله تعالى : { وتكون الجبال كالعهن المنفوش } وقوله تعالى : { ولا يسأل حميم حميما * يبصرونهم } أي لا يسأل القريب قريبه عن حاله وهو يراه في أسوأ الأحوال فتشغله نفسه عن غيره قال العوفي عن ابن عباس : يعرف بعضهم بعضا ويتعارفون بينهم ثم يفر بعضهم من بعض بعد ذلك يقول الله تعالى : { لكل امرئ منهم يومئذ شأن يغنيه } وهذه الاية الكريمة كقوله تعالى : { يا أيها الناس اتقوا ربكم واخشوا يوما لا يجزي والد عن ولده ولا مولود هو جاز عن والده شيئا إن وعد الله حق } وكقوله تعالى : { وإن تدع مثقلة إلى حملها لا يحمل منه شيء ولو كان ذا قربى } وكقوله تعالى : { فإذا نفخ في الصور فلا أنساب بينهم يومئذ ولا يتساءلون } وكقوله تعالى : { يوم يفر المرء من أخيه * وأمه وأبيه * وصاحبته وبنيه * لكل امرئ منهم يومئذ شأن يغنيه } وقوله تعالى : { يود المجرم لو يفتدي من عذاب يومئذ ببنيه * وصاحبته وأخيه * وفصيلته التي تؤويه * ومن في الأرض جميعا ثم ينجيه * كلا } أي لا يقبل منه فداء ولو جاء بأهل الأرض وبأعز ما يجده من المال ولو بملء الأرض ذهبا أو من ولده الذي كان في الدنيا حشاشة كبده يود يوم القيامة إذا رأى الأهوال أن يفتدي من عذاب الله به ولا يقبل منه .
قال مجاهد والسدي { فصيلته } قبيلته وعشيرته وقال عكرمة : فخذه الذي هومنهم وقال أشهب عن مالك : فصيلته : أمه وقوله تعالى : { إنها لظى } يصف النار وشدة حرها { نزاعة للشوى } قال ابن عباس ومجاهد : جلدة الرأس وقال العوفي عن ابن عباس { نزاعة للشوى } الجلود والهام وقال مجاهد : ما دون العظم من اللحم وقال سعيد بن جبير : للعصب والعقب وقال أبو صالح { نزاعة للشوى } يعني أطراف اليدين والرجلين وقال أيضا { نزاعة للشوى } لحم الساقين وقال الحسن البصري وثابت البناني { نزاعة للشوى } أي مكارم وجهه وقال الحسن أيضا : تحرق كل شيء فيه ويبقى فؤاده يصيح وقال قتادة { نزاعة للشوى } أي نزاعة لهامته ومكارم وجهه وخلقه وأطرافه وقال الضحاك : تبري اللحم والجلد عن العظم حتى لا تترك منه شيئا وقال ابن زيد : الشوى الاراب العظام فقوله نزاعة قال : تقطع عظامهم ثم تبدل جلودهم وخلقهم .
وقوله تعالى : { تدعو من أدبر وتولى * وجمع فأوعى } أي تدعو النار إليها أبناءها الذين خلقهم الله لها وقدر لهم أنهم في الدار الدنيا يعملون عملها فتدعوهم يوم القيامة بلسان اطلق ذلق ثم تلتقطهم من بين أهل المحشر كما يلتقط الطير الحب وذلك أنهم كما قال الله D : كانوا ممن أدبر وتولى أي كذب بقلبه وترك العمل بجوارحه { وجمع فأوعى } أي جمع المال بعضه على بعض فأوعاه أي أوكاه ومنع حق الله منه من الواجب عليه في النفقات ومن إخراج الزكاة وقد ورد في الحديث [ لا توعي فيوعي الله عليك ] وكان عبد الله بن عكيم لا يربط له كيسا ويقول : سمعت الله يقول : { وجمع فأوعى } وقال الحسن البصري : يا ابن آدم سمعت وعيد الله ثم أوعيت الدنيا وقال قتادة في قوله : { وجمع فأوعى } قال : كان جموعا قموما للخبيث