يقول تعالى منكرا على المشركين في تسميتهم الملائكة تسمية الأنثى وجعلهم لها أنها بنات الله تعالى الله عن ذلك كما قال تعالى : { وجعلوا الملائكة الذين هم عباد الرحمن إناثا أشهدوا خلقهم ستكتب شهادتهم ويسألون } ولهذا قال تعالى : { وما لهم به من علم } أي ليس لهم علم صحيح يصدق ما قالوه بل هو كذب وزور وافتراء وكفر شنيع { إن يتبعون إلا الظن وإن الظن لا يغني من الحق شيئا } أي لا يجدي شيئا ولا يقوم أبدا مقام الحق وقد ثبت في الصحيح أن رسول الله صلى الله عليه وسلّم قال : [ إياكم والظن فإن الظن أكذب الحديث ] .
وقوله تعالى : { فأعرض عن من تولى عن ذكرنا } أي أعرض عن الذي أعرض عن الحق واهجره وقوله : { ولم يرد إلا الحياة الدنيا } أي وإنما أكثر همه ومبلغ علمه الدنيا فذاك هو غاية ما لا خير فيه ولهذا قال تعالى : { ذلك مبلغهم من العلم } أي طلب الدنيا والسعي لها هو غاية ما وصلوا إليه وقد روى الإمام أحمد عن أم المؤمنين عائشة Bها قالت : قال رسول الله صلى الله عليه وسلّم : [ الدنيا دار من لا دار له ومال من لا مال له ولها يجمع من لا عقل له ] وفي الدعاء المأثور [ اللهم لا تجعل الدنيا أكبر همنا ولا مبلغ عملنا ] وقوله تعالى : { إن ربك هو أعلم بمن ضل عن سبيله وهو أعلم بمن اهتدى } أي هو الخالق لجميع المخلوقات والعالم بمصالح عباده وهو الذي يهدي من يشاء ويضل من يشاء وذلك كله عن قدرته وعلمه وحكمته وهو العادل الذي لا يجور أبدا لا في شرعه ولا في قدره