ثم إنه تبارك وتعالى ذم الذين ينادونه من وراء الحجرات وهي بيوت نسائه كما يصنع أجلاف الأعراب فقال : { أكثرهم لا يعقلون } ثم أرشد تعالى إلى الأدب في ذلك فقال D : { ولو أنهم صبروا حتى تخرج إليهم لكان خيرا لهم } أي لكان لهم في ذلك الخيرة والمصلحة في الدنيا والاخرة ثم قال جل ثناؤه داعيا لهم إلى التوبة والإنابة { والله غفور رحيم } وقد ذكر أنها نزلت في الأقرع بن حابس التميمي Bه فيما أورده غير واحد قال الإمام أحمد : حدثنا عفان حدثنا وهيب حدثنا موسى بن عقبة عن أبي سلمة بن عبد الرحمن عن الأقرع بن حابس Bه أنه نادى رسول الله صلى الله عليه وسلّم من وراء الحجرات فقال : يا محمد يا محمد وفي رواية : يا رسول الله فلم يجبه فقال : يا رسول الله إن حمدي لزين وإن ذمي لشين فقال صلى الله عليه وسلّم : [ ذاك الله D ] وقال ابن جرير : حدثنا أبو عمار الحسين بن حريث المروزي حدثنا الفضل بن موسى عن الحسين بن واقد عن أبي إسحاق عن البراء في قوله تبارك وتعالى : { إن الذين ينادونك من وراء الحجرات } قال : جاء رجل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلّم فقال : يا محمد إن حمدي زين وذمي شين فقال صلى الله عليه وسلّم : [ ذاك الله D ] وهكذا ذكره الحسن البصري وقتادة مرسلا .
وقال سفيان الثوري عن حبيب بن أبي عمرة قال : كان بشر بن غالب ولبيد بن عطارد أو بشر بن عطارد ولبيد بن غالب وهما عند الحجاج جالسان فقال بشر بن غالب للبيد بن عطارد : نزلت في قومك بني تميم { إن الذين ينادونك من وراء الحجرات } قال : فذكرت ذلك لسعيد بن جبير فقال : أما إنه لو علم بآخر الاية أجابه { يمنون عليك أن أسلموا } قالوا : أسلمنا ولم يقاتلك بنو أسد وقال ابن أبي حاتم : حدثنا أبي حدثنا عمرو بن علي الباهلي حدثنا المعتمر بن سليمان قال : سمعت داود الطفاوي يحدث عن أبي مسلم البجلي عن زيد بن أرقم Bه قال : اجتمع أناس من العرب فقالوا : انطلقوا بنا إلى هذا الرجل فإن يك نبيا فنحن أسعد الناس به وإن يك ملكا نعش بجناحه قال : فأتيت رسول الله صلى الله عليه وسلّم فأخبرته بما قالوا فجاؤوا إلى حجرة النبي صلى الله عليه وسلّم فجعلوا ينادونه وهو في حجرته : يا محمد يا محمد فأنزل الله تعالى : { إن الذين ينادونك من وراء الحجرات أكثرهم لا يعقلون } قال : فأخذ رسول الله صلى الله عليه وسلّم بأذني فمدها فجعل يقول [ لقد صدق الله تعالى قولك يا زيد لقد صدق الله قولك يا زيد ] ورواه ابن جرير عن الحسن بن عرفة عن المعتمر بن سليمان به