لما ذكر تعالى ما يكون في يوم القيامة من الأهوال والأمور العظام الهائلة حذر منه وأمر بالاستعداد له فقال : { استجيبوا لربكم من قبل أن يأتي يوم لا مرد له من الله } أي إذا أمر بكونه فإنه كلمح البصر يكون وليس له دافع ولا مانع وقوله D : { ما لكم من ملجأ يومئذ وما لكم من نكير } أي ليس لكم حصن تتحصنون فيه ولا مكان يستركم وتتنكرون فيه فتغيبون عن بصره تبارك وتعالى بل هو محيط بكم بعلمه وبصره وقدرته فلا ملجأ منه إلا إليه { يقول الإنسان يومئذ أين المفر * كلا لا وزر * إلى ربك يومئذ المستقر } وقوله تعالى : { فإن أعرضوا } يعني المشركين { فما أرسلناك عليهم حفيظا } أي لست عليهم بمسيطر وقال D : { ليس عليك هداهم ولكن الله يهدي من يشاء } وقال تعالى : { فإنما عليك البلاغ وعلينا الحساب } وقال جل وعلا ههنا : { إن عليك إلا البلاغ } أي إنما كلفناك أن تبلغهم رسالة الله إليهم .
ثم قال تبارك وتعالى : { وإنا إذا أذقنا الإنسان منا رحمة فرح بها } أي إذا أصابه رخاء ونعمة فرح بذلك { وإن تصبهم } يعني الناس { سيئة } أي جدب وبلاء وشدة { فإن الإنسان كفور } أي يجحد ما تقدم من النعم ولا يعرف إلا الساعة الراهنة فإن أصابته نعمة أشر وبطر وإن أصابته محنة يئس وقنط كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلّم للنساء : [ يا معشر النساء تصدقن فإني رأيتكن أكثر أهل النار ] فقالت امرأة : ولم يا رسول الله ؟ فقال صلى الله عليه وسلّم : [ لأنكن تكثرن الشكاية وتكفرن العشير لو أحسنت إلى إحداهن الدهر ثم تركت يوما قالت : ما رأيت منك خيرا قط ] وهذا حال أكثر النساء إلا من هداه الله تعالى وألهمه رشده وكان من الذين آمنوا وعملوا الصالحات فالمؤمن كما قال صلى الله عليه وسلّم : [ إن أصابته سراء شكر فكان خيرا له وإن أصابته ضراء صبر فكان خيرا له وليس ذلك لأحد إلا للمؤمن ]