يقول تعالى مخبرا أنه وهب لداود سليمان أي نبيا كما قال D : { وورث سليمان داود } أي في النبوة وإلا فقد كان له بنون غيره فإنه قد كان عنده مائة امرأة حرائر وقوله تعالى : { نعم العبد إنه أواب } ثناء على سليمان بأنه كثير الطاعة والعبادة والإنابة إلى الله D قال ابن أبي حاتم حدثنا أبي حدثنا عمرو بن خالد حدثنا الوليد حدثنا ابن جابر حدثنا مكحول قال لما وهب الله تعالى لداود سليمان قال له يا بني ما أحسن ؟ قال سكينة الله والإيمان ؟ قال فما أقبح ؟ قال كفر بعد إيمان قال فما أحلى قال روح الله بين عباده قال فما أبرد ؟ قال عفو الله عن الناس وعفو الناس بعضهم عن بعض قال داود عليه السلام فأنت نبي .
وقوله تعالى : { إذ عرض عليه بالعشي الصافنات الجياد } أي إذ عرض على سليمان E في حال مملكته وسلطانه الخيل الصافنات قال مجاهد وهي التي تقف على ثلاث وطرف حافر الرابعة والجياد السراع وكذا قال غير واحد من السلف وقال ابن جرير حدثنا محمد بن بشار حدثنا مؤمل حدثنا سفيان عن أبيه سعيد بن مسروق عن إبراهيم التيمي في قوله D : { إذ عرض عليه بالعشي الصافنات الجياد } قال كانت عشرين فرسا ذات أجنحة كذا رواه ابن جرير .
وقال ابن أبي حاتم حدثنا أبو زرعة حدثنا إبراهيم بن موسى حدثنا ابن أبي زائدة أخبرني إسرائيل عن سعيد بن مسروق عن إبراهيم التيمي قال كانت الخيل التي شغلت سليمان E عشرين ألف فرس فعقرها وهذا أشبه والله أعلم وقال أبو داود حدثنا محمد بن عوف حدثنا سعيد بن أبي مريم أخبرنا يحيى بن أيوب حدثنا عمارة بن غزية أن محمد بن إبراهيم حدثه عن أبي سلمة بن عبد الرحمن عن عائشة Bها قالت قدم رسول الله صلى الله عليه وسلّم من غزوة تبوك أو خيبر وفي سهوتها ستر فهبت الريح فكشفت ناحية الستر عن بنات لعائشة Bها لعب فقال صلى الله عليه وسلّم : [ ما هذا يا عائشة ؟ ] قالت Bها بناتي ورأى بينهن فرسا له جناحان من رقاع فقال صلى الله عليه وسلّم : [ ما هذا الذي أرى وسطهن ؟ ] قالت Bها فرس قال رسول الله صلى الله عليه وسلّم : [ ما هذا الذي عليه ؟ ] قالت Bها جناحان قال رسول الله صلى الله عليه وسلّم [ فرس له جناحان ؟ ] قالت Bها أما سمعت أن سليمان E كانت له خيل لها أجنحة قالت Bها فضحك صلى الله عليه وسلّم حتى رأيت نواجذه وقوله تبارك وتعالى : { فقال إني أحببت حب الخير عن ذكر ربي حتى توارت بالحجاب } ذكر غير واحد من السلف والمفسرين أنه اشتغل بعرضها حتى فات وقت صلاة العصر والذي يقطع به أنه لم يتركها عمدا بل نسيانا كما شغل النبي صلى الله عليه وسلّم يوم الخندق عن صلاة العصر حتى صلاها بعد الغروب وذلك ثابت في الصحيحين من غير وجه من ذلك عن جابر Bه قال جاء عمر Bه يوم الخندق بعدما غربت الشمس فجعل يسب كفار قريش ويقول يا رسول الله ما كدت أصلي العصر حتى كادت الشمس تغرب فقال رسول الله صلى الله عليه وسلّم : [ والله ما صليتها ] فقال : فقمنا إلى بطحان فتوضأ نبي الله صلى الله عليه وسلّم للصلاة وتوضأنا لها فصلى العصر بعد ما غربت الشمس ثم صلى بعدها المغرب ويحتمل أنه كان سائغا في ملتهم تأخير الصلاة لعذر الغزو والقتال والخيل تراد للقتال وقد ادعى طائفة من العلماء أن هذا كان مشروعا فنسخ ذلك بصلاة الخوف ومنهم من ذهب إلى ذلك في حال المسايفة والمضايقة حيث لا تمكن صلاة ولا ركوع ولا سجود كما فعل الصحابة Bهم في فتح تستر وهو منقول عن مكحول والأوزاعي وغيرهما والأول أقرب لأنه قال بعده { ردوها علي فطفق مسحا بالسوق والأعناق } قال الحسن البصري : لا قال : والله لا تشغليني عن عبادة ربي آخر ما عليك ثم أمر بها فعقرت وكذا قال قتادة وقال السدي : ضرب أعناقها وعراقيبها بالسيوف .
وقال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس Bهما جعل يمسح أعراف الخيل وعراقيبها حبا لها وهذا القول اختاره ابن جرير قال لأنه لم يكن ليعذب حيوانا بالعرقبة ويهلك مالا من ماله بلا سبب سوى أنه اشتغل عن صلاته بالنظر إليها ولا ذنب لها وهذا الذي رجح به ابن جرير فيه نظر لأنه قد يكون في شرعهم جواز مثل هذا ولا سيما إذا كان غضبا لله تعالى بسبب أنه اشتغل بها حتى خرج وقت الصلاة ولهذا لما خرج عنها لله تعالى عوضه الله D ما هو خير منها وهو الريح التي تجري بأمره رخاء حيث أصاب غدوها شهر ورواحها شهر فهذا أسرع وخير من الخيل قال الإمام أحمد : حدثنا إسماعيل حدثنا سليمان بن المغيرة عن حميد بن هلال عن أبي قتادة وأبي الدهماء وكانا يكثران السفر نحو البيت قالا أتينا على رجل من أهل البادية فقال لنا البدوي : أخذ بيدي رسول الله صلى الله عليه وسلّم فجعل يعلمني مما علمه الله D وقال : [ إنك لا تدع شيئا اتقاء الله تعالى إلا أعطاك الله D خيرا منه ]