يقول تعالى مخبرا عما يؤول إليه الكفار يوم القيامة من أمره لهم أن يمتازوا بمعنى يميزون عن المؤمنين في موقفهم كقوله تعالى : { ويوم نحشرهم جميعا ثم نقول للذين أشركوا مكانكم أنتم وشركاؤكم فزيلنا بينهم } وقال D : { ويوم تقوم الساعة يومئذ يتفرقون } { يومئذ يصدعون } أي يصيرون صدعين فرقتين { احشروا الذين ظلموا وأزواجهم وما كانوا يعبدون * من دون الله فاهدوهم إلى صراط الجحيم } .
وقوله تعالى : { ألم أعهد إليكم يا بني آدم أن لا تعبدوا الشيطان إنه لكم عدو مبين } هذا تقريع من الله تعالى للكفرة من بني آدم الذين أطاعوا الشيطان وهو عدو لهم مبين وعصوا الرحمن وهو الذي خلقهم ورزقهم ولهذا قال تعالى : { وأن اعبدوني هذا صراط مستقيم } أي قد أمرتكم في دار الدنيا بعصيان الشيطان وأمرتكم بعبادتي وهذا هو الصراط المستقيم فسلكتم غير ذلك واتبعتم الشيطان فيما أمركم به ولهذا قال D : { ولقد أضل منكم جبلا كثيرا } يقال : جبلا بكسر الجيم وتشديد اللام ويقال جبلا بضم الجيم والباء وتخفيف اللام ومنهم من يسكن الباء والمراد بذلك الخلق الكثير قاله مجاهد وقتادة والسدي وسفيان بن عيينة .
وقوله تعالى : { أفلم تكونوا تعقلون } أي أفما كان لكم عقل في مخالفة ربكم فيما أمركم به من عبادته وحده لا شريك له وعدولكم إلى اتباع الشيطان قال ابن جريج : حدثنا أبو كريب حدثنا عبدالرحمن بن محمد المحاربي عن إسماعيل بن رافع عمن حدثه عن محمد بن كعب القرظي عن أبي هريرة Bه [ أن رسول الله صلى الله عليه وسلّم قال إذا كان يوم القيامة أمر الله تعالى جهنم فيخرج منها عنق ساطع مظلم يقول { ألم أعهد إليكم يا بني آدم أن لا تعبدوا الشيطان إنه لكم عدو مبين * وأن اعبدوني هذا صراط مستقيم * ولقد أضل منكم جبلا كثيرا أفلم تكونوا تعقلون * هذه جهنم التي كنتم توعدون } { وامتازوا اليوم أيها المجرمون } فيتميز الناس ويجثون وهي التي يقول الله D : { وترى كل أمة جاثية كل أمة تدعى إلى كتابها اليوم تجزون ما كنتم تعملون } ]