قال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس في قوله تعالى : { يا حسرة على العباد } أي يا ويل العباد وقال قتادة { يا حسرة على العباد } أي يا حسرة العباد على أنفسهم على ما ضيعت من أمر الله وفرطت في جنب الله وفي بعض القراءات : يا حسرة العباد على أنفسهم ومعنى هذا يا حسرتهم وندامتهم يوم القيامة إذا عاينوا العذاب كيف كذبوا رسل الله وخالفوا أمر الله فإنهم كانوا في الدار الدنيا المكذبون منهم { ما يأتيهم من رسول إلا كانوا به يستهزئون } أي يكذبونه ويستهزئون به ويمجدون ما أرسل به من الحق .
ثم قال تعالى : { ألم يروا كم أهلكنا قبلهم من القرون أنهم إليهم لا يرجعون } أي ألم يتعظوا بمن أهلك الله قبلهم من المكذبين للرسل كيف لم يكن لهم إلى هذه الدنيا كرة ولا رجعة ولم يكن الأمر كما زعم كثير من جهلتهم وفجرتهم من قولهم { إن هي إلا حياتنا الدنيا نموت ونحيا } وهم القائلون بالدور من الدهرية وهم الذين يعتقدون جهلا منهم أنهم يعودون إلى الدنيا كما كانوا فيها فرد الله تبارك وتعالى عليهم باطلهم فقال تبارك وتعالى : { ألم يروا كم أهلكنا قبلهم من القرون أنهم إليهم لا يرجعون } .
وقوله D : { وإن كل لما جميع لدينا محضرون } أي وإن جميع الأمم الماضية والاتية ستحضر للحساب يوم القيامة بين يدي الله جل وعلا فيجازيهم بأعمالهم كلها خيرها وشرها ومعنى هذا كقوله جل وعلا : { وإن كلا لما ليوفينهم ربك أعمالهم } وقد اختلف القراء في أداء هذا الحرف فمنهم من قرأ { وإن كلا لما } بالتخفيف فعنده أن إن للإثبات ومنهم من شدد { لما } وجعل أن نافية ولما بمعنى إلا تقديره وما كل إلا جميع لدينا محضرون ومعنى القراءتين واحد والله سبحانه وتعالى أعلم