يخبر تعالى عن قريش والعرب أنهم أقسموا بالله جهد أيمانهم قبل إرسال الرسول إليهم { لئن جاءهم نذير ليكونن أهدى من إحدى الأمم } أي من جميع الأمم الذين أرسل إليهم الرسل قاله الضحاك وغيره كقوله تعالى : { أن تقولوا إنما أنزل الكتاب على طائفتين من قبلنا وإن كنا عن دراستهم لغافلين * أو تقولوا لو أنا أنزل علينا الكتاب لكنا أهدى منهم فقد جاءكم بينة من ربكم وهدى ورحمة فمن أظلم ممن كذب بآيات الله وصدف عنها } وكقوله تعالى : { وإن كانوا ليقولون * لو أن عندنا ذكرا من الأولين * لكنا عباد الله المخلصين * فكفروا به فسوف يعلمون } قال الله تعالى : { فلما جاءهم نذير } وهو محمد صلى الله عليه وسلّم بما أنزل معه من الكتاب العظيم وهو القرآن المبين { ما زادهم إلا نفورا } أي ما ازدادوا إلا كفرا إلى كفرهم ثم بين ذلك بقوله : { استكبارا في الأرض } أي : استكبروا عن اتباع آيات الله { ومكر السيئ } أي ومكروا بالناس في صدهم إياهم عن سبيل الله { ولا يحيق المكر السيئ إلا بأهله } أي وما يعود وبال ذلك إلا عليهم أنفسهم دون غيرهم .
قال ابن أبي حاتم : ذكر علي بن الحسين حدثنا ابن أبي عمر حدثنا سفيان عن أبي زكريا الكوفي عن رجل حدثه أن رسول الله صلى الله عليه وسلّم قال : [ إياك ومكر السيء فإنه لايحيق المكر السيء إلا بأهله ولهم من الله طالب ] وقال محمد بن كعب القرظي : ثلاث من فعلهن لم ينج حتى ينزل به : من مكر أو بغى أو نكث وتصديقها في كتاب الله تعالى : { ولا يحيق المكر السيئ إلا بأهله } { إنما بغيكم على أنفسكم } { فمن نكث فإنما ينكث على نفسه } وقوله D : { فهل ينظرون إلا سنة الأولين } يعني عقوبة الله لهم على تكذيبهم رسله ومخالفتهم أمره { ولن تجد لسنة الله تبديلا } أي لاتغير ولا تبدل بل هي جارية كذلك في كل مكذب { ولن تجد لسنة الله تحويلا } أي { وإذا أراد الله بقوم سوءا فلا مرد له } ولا يكشف ذلك عنهم ويحوله عنهم أحد والله أعلم