وهذا أيضا من قدرته التامة وسلطانه العظيم في تسخيره الليل بظلامه والنهار بضيائه ويأخذ من طول هذا فيزيده في قصر هذا فيعتدلان ثم يأخذ من هذا في هذا فيطول هذا ويقصر هذا ثم يتقارضان صيفا وشتاء { وسخر الشمس والقمر } أي والنجوم السيارات والثوابت الثاقبات بأضوائهن أجرام السموات الجميع يسيرون بمقدار معين وعلى منهاج مقنن محرر تقديرا من عزيز عليم { كل يجري لأجل مسمى } أي إلى يوم القيامة { ذلكم الله ربكم } أي الذي فعل هذا هو الرب العظيم الذي لا إله غيره { والذين تدعون من دونه } أي من الأصنام والأنداد التي هي على صورة من تزعمون من الملائكة المقربين { ما يملكون من قطمير } قال ابن عباس Bهما و مجاهد وعكرمة وعطاء وعطية العوفي والحسن وقتاده وغيرهم : القطمير هو اللفافة التي تكون على نواة التمرة أي لا يملكون من السموات والأرض شيئا ولا بمقدار هذا القطمير .
ثم قال تعالى : { إن تدعوهم لا يسمعوا دعاءكم } يعني الالهة التي تدعونها من دون الله لا تسمع دعاءكم لأنها جماد لا أرواح فيها { ولو سمعوا ما استجابوا لكم } أي لا يقدرون على شيء مما يطلبون منها { ويوم القيامة يكفرون بشرككم } أي يتبرؤون منكم كما قال تعالى : { ومن أضل ممن يدعو من دون الله من لا يستجيب له إلى يوم القيامة وهم عن دعائهم غافلون * وإذا حشر الناس كانوا لهم أعداء وكانوا بعبادتهم كافرين } وقال تعالى : { واتخذوا من دون الله آلهة ليكونوا لهم عزا * كلا سيكفرون بعبادتهم ويكونون عليهم ضدا } وقوله تعالى : { ولا ينبئك مثل خبير } أي ولا يخبرك بعواقب الأمور ومآلها وما تصير إليه مثل خبير بها قال قتادة : يعني نفسه تبارك وتعالى فإنه أخبر بالواقع لا محالة